الصحفي توفيق نادري يطرد من جريدة المساء بسبب زي تقليدي و"خَوْنَجَة"

قالت النقابة الوطنية للصحافيين المغاربة إنّها تلقت، باستغراب كبير، طرد الزميل الصحفي توفيق ناديري من لدن إدارة جريدة "المساء".. كما اعتبرت النقابة، ضمن بيان توصلت به هسبريس، أنّ القرار قد تمّ بناء على "مبرّرات لا تدخل في شكل أو مضمون العمل الصحافي".. كما أعلنت عن استنكارها لطرد ناديري وتصامنها معه ومساندته في أي خطوة يعتزم القيام بها

الصحافي رضوان حفياني "تعرض لمنع تعسفي من ولوج مقر عمله

تعرض الصحفي رضوان حفياني (وسط الصورة) لطرد تعسفي من قبل مشغليه في يومية “الصباح” المغربية يوم 21 من الشهر الحالي.

الشخصيات المناسبة في المكان المناسب

أكد عبد المنعم الدلمي رئيس الاتحاد الدولي للصحافة الفرانكفونية والسيدة سميرة سطايل مديرة الأخبار بالقناة الثانية أن الصحافة المغربية ما فتئت تتحلى بمهنية أكبر وماضية على طريق التحديث، مضيفا أن انتخابه على رأس هذه المؤسسة يعد "اعترافا" بجهود الصحافة المغربية من قبل زملائها بالصحافة الفرنكوفونية

من المرتقب أن ينتقل الملك محمّد السادس خارج التراب الوطني لمدّة غير معلومة، حيث سيطير العاهل صوب الديار الأمريكيّة

من المرتقب أن ينتقل الملك محمّد السادس خارج التراب الوطني لمدّة غير معلومة، حيث سيطير العاهل صوب الديار الأمريكيّة يوم غد السبت.. وذلك بعد طول حديث عن هذا التحرّك الذي كان أثير مقرونا باحتفالات رأس العام قبل أن تسهم مرحلة الإعداد لتنصيب حكومة بنكيران في تأجيله.

جلالة الملك يعين أعضاء الحكومة الجديدة

ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، اليوم الثلاثاء بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط، مراسم تعيين أعضاء الحكومة الجديدة.

جلالة الملك يترأس بالدار البيضاء مراسم تدشين الفرقاطة "طارق بن زياد"

ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، اليوم الجمعة بالميناء العسكري بالدار البيضاء، مراسم تدشين الفرقاطة "طارق بن زياد"، التي انضمت حديثا إلى أسطول البحرية الملكية.

عمال شركة يوساطكس بالدار البيضاء يخوضون اعتصاما مفتوحا

يخوض عمال شركة يوساطكس بمنطقة ليساسفة بالدار البيضاء اعتصاما مفتوحا أمام باب الشركة منذ توقيفهم من طرف إدارة الشركة بتاريخ 22/11/2011، وأكد العمال المطرودين البالغ عددهم 20 عاملا

مازالت أمراض المناعة الداتية غير معروفة في المغرب التي أشارت اليه الدكتورة خديجة مسيار ورئيسة الجمعية أماييس في الندوة الصحفية بفندق البلاص أنفا

مازالت أمراض المناعة الذاتية غير معروفة في المغرب رغم أنها تخص أكثر من ثلاثة ملايين شخص وكثير منهم يجهلون حتى بإصابتهم خصوصا في المراحل الأولية للمرض

ساكنة البرادعة تطالب بالحوار مع عامل على عمالة المحمدية

قامت ساكنة كل من دوار البرادعة على الشارع الحسن الثاني قرب مستشفى مولاي عبد الله على حسب م ماتصولت به الجريدة صوت الصحافة هناك وقع الاشتبكات بين المتظاهرين ورجال الأمن هناك الجرحى واصابات خطيرة

جلالة الملك يدشن مركزا لفحص وعلاج الأسنان بالمركز الاستشفائي الجامعي بالدار البيضاء أنجز بكلفة إجمالية تبلغ 5ر24 مليون درهم

أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الأربعاء على تدشين مركز فحص وعلاج الأسنان (الشطر الأول) تم تشييده بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء

جلالة الملك يطلع على تقدم أشغال إنجاز برنامج السكن الاجتماعي بجهة الدار البيضاء الكبرى بكلفة إجمالية تبلغ 4ر35 مليار درهم

صوت الصحافة - اطلع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، اليوم الثلاثاء، بعمالة مقاطعات الحي الحسني، على تقدم إنجاز البرنامج المندمج للسكن الاجتماعي (250 ألف درهم للوحدة) بجهة الدار البيضاء الكبرى، الذي رصدت له استثمارات بقيمة 4ر35 مليار درهم.



‏إظهار الرسائل ذات التسميات تحقيقات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تحقيقات. إظهار كافة الرسائل

الحرب بين السلطات والصحافة


بقلم هشام بوعزة:    

هي إذن حرب مسعورة على الصحافة المستقلة بالمغرب ، حرب لا تبقي للأقلام الجريئة حرية ، ولا تذر للصحافيين الأحرار متنفسا للبوح بالحقيقة أو البحث عنها ، هذا ما تؤكده سلسلة الأحكام الصادرة عن السادة القضاة بمحاكم المملكة الشريفة ، أحكام تجاوزت حدود الغرامات المالية الخيالية ، وتخطت عتبات السجن الموقوف التنفيذ ، وابتعدت عن ليونة السراح المؤقت لتزج بكل قلم لا يساير رغبات وأهواء الحكومة " العباسية " في غياهب السجون بتهم أقل ما يقال عنها أنها لا تلامس إلا مصالح السلطات المخزنية ولا تروم إلا ترسيخ صحافة تابعة مائعة صفراء ومنبوذة على أرض الواقع .
ومهما قيل عن رغبة حماة العهد الجديد في طي صفحة الماضي وإرساء قواعد ديمقراطية ترتكز على قضاء مستقل ونزيه يقوم على أسس شريفة تحترم كرامة المواطن وتترجم آماله وأحلامه إلى واقع ملموس ، فإن هذه الرغبة وهذه الشعارات الفضفاضة سرعان ما تمحى وتغيب بمجرد نظرة بسيطة إلى تعامل السلطات مع الصحافة المستقلة في المغرب ، إذ أن منطق التعامل مع هذه الأخيرة يقوم على اعتبارها خطرا يهدد كيان السلطات ويقوض مصالحها لذلك وجب التخلص منه ، وأسهل طريقة لتحقيق هذا المراد وأسرعها هي القتل البطيئ عبر جر الصحافيين لمحاكمات ماراطونية تشغلهم بالدفاع عن أنفسهم قبل الدفاع عن قضايا الوطن والمواطن ، وتوجههم بطريقة غير مباشرة إلى نهج سياسة صحفية تكون مكونات التخوف من المصير والحذر من العقاب القضائي والحيطة من منصات الإعدام قواعد أدبياتها وركائز لبناتها ، ويكون معها الترقيع والتجميل والتطبيل والتزمير للسلطات منهاجا لا يترك وسنة تتبع في كل الأوقات

شناقة" أو "سماسرة" الانتخابات




التحقيق خالد أمين:    

كيف يحولون الساحة الانتخابية إلى سوق تتحكم فيه سلطة المال والجاه
شكلت ظاهرة وسطاء الانتخابات أو بتعبير أوضح (سماسرة الانتخابات) بالمغرب، نقطة سوداء للأسف لا تزال متفشية بشكل كبير في الأوساط المغربية، يتوهج نشاطها مع كل موعد انتخابي جديد، لدرجة أصبح معها هذا النشاط يتحكم في الإرادة الشعبية على مجموعة من المستويات، ويشجع على تنامي أعداد المتدخلين في توجيه العملية الانتخابية والتأثير على حرية الناخبين في إقرار نتائج على مقاسات تخدم الدولة في تشويه المشهد السياسي الوطني.
هذه الظاهرة تنشط على امتدادا المساحة الفاصلة بين المحطات الانتخابية، لاستدراج الكتلة الناخبة وتهييئها للمشاركة في العملية الانتخابية حسب الإملاءات التي يفرضها هؤلاء السماسرة، الذين ينتمون في أغلبيتهم لصغار المنتخبين ممن سهلت الإدارة الترابية عملية تمريرهم للمؤسسات المنتخبة المحلية لأجل القيام بهذا الدور في استمالة الهيئة الناخبة حسب الأوامر الفوقية، حيث تجتهد السلطة دائما في تطور وسائل تدخلها تماشيا مع تطوير العقلية المغربية، يحدث هذا الفعل في البلاد بإيعاز من القائمين على تدبير شؤونها العامة، دون أدنى اعتبار للبناء الديمقراطي الذي تنشده الأمة، فإلى متى ستستمر عملية سريان هذه الفيروسات في دماء مسلسلنا الانتخابي المغربي؟ ومتى تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية في وضع قطيعة مع هذه الممارسات المشينة والمسيئة للمشوار الديمقراطي بالبلاد؟!

باتت ظاهرة سماسرة الانتخابات تؤثث المشهد الانتخابي المغربي، نظرا لقوة تأثيرها في توجيه الكتلة الناخبة في الاتجاهات التي تراها مناسبة لشهواتها المأجورة، والمفتوحة على كل التيارات حسب منطق العرض والطلب، لدرجة أصبحت معها بعض الكائنات الانتخابية تملك قلعات محصنة بفعل ضغط سماسرتها على الكتلة الناخبة، إن بواسطة المال العام مباشرة أو عن طريق خدمات أخرى تحركها الهواجس الانتخابية، ويمكن الاعتراف بأن تنامي هذه الطفيليات داخل المشهد الانتخابي المغربي مرده لغياب إرادة سياسية واضحة المعالم تمكن من تفعيل القنوات القانونية الزجرية للحد من تناسل هذه المظاهر المسيئة للتقدم الديمقراطي للبلاد، وقد ذهبت مجموعة من الفعاليات السياسية المغربية في تحليلها لتكاثر سريان هذا الداء في الجسم الانتخابي الوطني، للسياسية العامة التي تنهجها الدولة والمبنية أساسا على تشويه ملامح المشهد السياسي الوطني، باعتمادها الأساليب اللاديمقراطية في إقرار خريطة سياسية على المقاسات التي تخدم مصالحها غير الديمقراطية، ومن أهم الأسس الضامنة لاستمرار هذا الاضطراب في الأرقام الانتخابية المغربية تواجد تلك الكائنات الانتخابية التي تحولت مع مرور الزمن إلى ديناصورات انتخابية تتحكم في النتائج أشهرا قبل الاقتراع العام، بواسطة حفنة من السماسرة على اختلاف مواقع تواجدهم من الهرم المجتمعي ودرجاته، والتي أضحت تملك أزرار تحريك الكتلة الناخبة حسب الإملاءات الفوقية لأصحاب القرار، خاصة وأن أغلب هؤلاء (الشناقة) يدخلون في خانة الأعيان والأعوان أو بتعبير أقرب أصابع الإدارة الترابية الذين تسخرهم لتغليب كفة خدامها من المرشحين للانتخابات على اختلاف مستوياتها.
فيما أرجع بعض المراقبين السياسيين انتشار ظاهرة (سماسرة الانتخابات) إلى العقليات الحزبية التي تملأ المشهد الحزبي الوطني والتي تتسابق في كل الاتجاهات لأجل ضمان استمرار وجودها داخل المؤسسات المنتخبة للمحافظة على مستوى تأثيرها داخل المشهد السياسي بواسطة القوة العددية لمنتخبيها داخل المؤسسات التشريعية، وأثناء هذا السباق العجيب في اتجاه حصد المقاعد البرلمانية على الخصوص، تستعمل هذه المؤسسات الحزبية كل الوسائل المشروعة منها وغير المشروعة في سبيل تحقيق غاياتها الانتخابية ولو على عاتق الديمقراطية، ويتجلى هذا الأمر واضحا من خلال العينات التي تترشح باسم هذه الأحزاب والتي يدخل معظمها ضمن خانة، الأعيان/ بارونات المخدرات / الباطرونات / أصحاب الشكارة، مما يؤكد أن غاية الأحزاب تبرر وسيلتها في تزكية هؤلاء عوض مناضليها وأطرها، الشيء الذي أرجع بموجبه هؤلاء المراقبين المسؤولية للمؤسسات الحزبية محملين إياها الجزء الكبير في نسبة الأعطاب التي تخللت المسيرة الديمقراطية بالبلاد، خاصة وأن دستور المملكة قد أوكل للأحزاب مهمة تأطير المجتمع وتوجيهه بما يضمن التأسيس لبناء ديمقراطي يؤهل البلاد للانخراط في المنظومة الديمقراطية العالمية على الوجه الذي يشرفها.
وبين واجب الدولة والأحزاب في مكافحة ظاهرة (سماسرة الانتخابات) تعج الساحة الانتخابية المغربية بهذه الكائنات التي تقف مانعا أمام التعبير الحر للهيئة الناخبة، من خلال تأثيرها بواسطة المال العام أو بعض الخدمات الاجتماعية والتي غالبا ما تكون خارج القانون، في استمالتها للتصويت لفائدة أشخاص بعينهم، لذلك تكون المنافسات الانتخابية المغربية على الطابع غير الشريف، مما يستحيل على ضوئه التكهن بالنتائج المرتقبة للانتخابات، كما تصعب معرفة الحزب الذي ترجح كفته للفوز في الاستحقاقات طالما أن هذه الأخيرة محكومة بمنطق المال والامتيازات والتدخلات غير المشروعة، ويمكن القول بأن هذه الظاهرة قد رفعت عن العملية الانتخابية قدسيتها، وحولتها إلى مجال للمزايدة والمتاجرة، يتحكم فيها منطق العرض والطلب، وحولت المعركة الانتخابية من ساحة للمنافسة الشريفة بين الفعاليات السياسية التي تتقارع عبر برامج انتخابية واقعية تدفع في اتجاه تقدم البلاد إلى المستويات الديمقراطية التي تؤهلها للاندماج الفعلي والفاعل في المنظومة التي تحكم البلدان الديمقراطية عبر العالم، إلى سوق انتخابية تتحكم فيها سلطة المال والجاه، يتسابق فيه الأعيان والأعوان وبارونات المخدرات على مرأى ومسمع من الإدارة الترابية التي تبارك من جهتها هذا السلوك النشاز في سمفونية الديمقراطية.


- مباشرة مع اقتراب أي محطة انتخابية بالمغرب، تبرز إلى السطح ظاهرة (وسطاء الانتخابات)، ممن يحولون اتجاهات الكتلة الناخبة في الوجهة التي تخدم مصالحهم، مقابل أقساط مالية تقدمها لهم الجهة المستفيدة من التصويت، ما هو تقيمكم لهذه الظاهرة
 ظاهرة "وسطاء الانتخابات" هي ظاهرة جزئية ترتبط بظاهرة عامة تقترن بغياب الديمقراطية السياسية على صعيد المجتمع المغربي ككل، فهي مجرد آلية لتحقيق هدف ترسيخ مشهد سياسي تنعدم فيه أسس النزاهة والشفافية واحترام إرادة الهيئة الناخبة، لذلك تبقى هذه الظاهرة مرتبطة بالعمليات الانتخابية عبر جميع مراحلها، ومرتبطة إلى حد كبير بطبيعة النظام السياسي القائم وكيفية إدارته للشأن العام بالمغرب، لأن غياب الإرادة السياسية لدمقرطة المجتمع تفتح المجال للعديد من المظاهر والظواهر السلبية لخلق مؤسسات مشوهة لا تعكس الإرادة الحقيقية للكلتة الناخبة ولا تنتج مؤسسات ذات مصداقية وفعالية، ومن بين هذه الظواهر هؤلاء "الوسطاء" ويمكن القول بأن لهذه المظاهر السيئة ارتباط بأجهزة الدولة، الساهرة على العملية الانتخابية والتي تعمل دون هوادة في ترجيح كفة لون سياسي معين عن بقية الألوان السياسية الأخرى، لخلق خريطة سياسية على المقاس وتمرير أعيان من خلال هذه الانتخابات لمجارات السلطة في مختلف المشاريع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، من جهة أخرى هناك كتلة منتخبة عن طريق التزوير والفساد والتدخلات، تتحكم في العديد من المؤسسات الجماعية، تقوم هي الأخرى بدور "الوساطة" عن طريق وسطائها الصغار من المواطنين، ووسطاء من الموظفين الجماعيين، كما تستغل الممتلكات العمومية وتوظف المال العمومي لاستمالة الكتلة الناخبة،وتسخر خدماتها في العديد من الجوانب الحياتية غير القانونية مقابل ضمان أصوات الهيئة الناخبة، والدليل أنه مع اقتراب أي موعد انتخابي تبرز إلى السطح ظاهرة البناء غير المرخص والبناء العشوائي وتنتعش بشكل خطير جدا، لهذا أقول بأن ظاهرة الوسطاء تبقى ظاهرة سياسية في العمق، وما هي إلا تجلي واضح لغياب الديمقراطية بالمغرب.
- ما هي الآثار السلبية لهذه الظاهرة على البناء الديمقراطي للبلاد، وما هي درجات هذا التأثير؟
+ هناك الديماغوجية السياسية التي تحاول من خلالها الدولة أو النظام السياسي القائم بالبلاد، الظهور بمظهر أو صبغ نفسه ببعض المساحيق الديمقراطية، إلا أنها تنحصر فقط على مستوى الخطاب، أما على المستوى الفعلي فهي مغايرة بشكل قطعي للشعارات المرفوعة والتي تحاول أن تعطي لنفسها طابع الحداثة والديمقراطية بإعلانها نية بناء دولة المؤسسات، على ضوء هذا الخطاب يعيش المجتمع المغربي مفارقة بين الخطاب والواقع الفعلي والترجمة الفعلية له، هذا يؤكد أن الدولة تحاول أن تظهر بمظهر الديمقراطية الجادة في عملية تحديد الدمقرطة، إلا أن الإرادة السياسية لتحقيق هذا الفعل لا وجود لها أساسا، مما يشجع كل دوائر الدولة المرتبطة بالعملية الانتخابية أن تشتغل دون رقيب ولا حسيب لتحقيق هدف سياسي محدد،والدليل أن هناك اعتقالات مست بعض النواب البرلمانيين ووسطائهم في عملية إفساد انتخابات تجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين، وهو أمر مستحسن، لكن السؤال الذي ظل مرفوعا بخصوص هذه الاعتقالات والمحاكمات هو، هل كانت هذه الاعتقالات وتلك الأحكام تعكس حقيقة حجم التزوير الذي شاب العملية برمتها؟! لا أعتقد ذلك، والدليل أن الأحزاب برمتها أدانت العملية، لكن من منطلقات مختلفة، منها من لحقها الضرر وكان عليها أن تصرخ للمحافظة على نقاوتها على المستوى الظاهري، خاصة وأن الانتخابات على الأبواب، ثم هناك أحزابا اعتبرت محاكمة مرشحيها مجرد تصفية حسابات سياسية ليس إلا، وبصفة شخصية أشك في نزاهة القضاء بخصوص هذه العملية، لهذا أقول بأن غياب الديمقراطية وانعدام الإرادة السياسية لا يمكنها إلا أن تنتج مؤسسات مشوهة، وأن تتنامى في ظلها أعداد السماسرة على مختلف الواجهات، والذين أصبحوا لكثرتهم يبدعون في اختراع أشكال جديدة للتزوير، وهذا التطور عرفته المراحل الانتخابية المغربية على امتداد مساحة الاستقلال ففي منتصف السبعينيات كان التزوير فاضحا،
ولازال حاضرا لكن بأشكال وطرق أخرى منها التقطيع الانتخابي الذي يتم تفصيله على مقاس الدولة، ثم اللوائح الانتخابية، وعدم تفعيل القوانين الزجرية المرتبطة بالمخالفات والتجاوزات الانتخابية، ويتم التزوير كذلك من خلال التحكم في الناخبين الكبار وتحريكهم على النهج الذي يخدم مصالح الدولة في التأثير على المشهد الانتخابي، كل هذه الأمور تبقى حاضرة في غياب إرادة سياسية حقيقية لدمقرطة المجتمع، قد تختلف هذه المظاهر في أساليبها وأشكالها إلا أنها تتغذى باستمرار هذا الغياب، وقد تبرز إلى السطح مظاهر لوساطات انتخابية متطورة عما هو سائد لحد الآن.
- أغلب هؤلاء الوسطاء أو سماسرة الانتخابات ينتمون للأحزاب السياسية المغربية مع العلم ان أحزابهم ترفع شعارات النزاهة والشفافية والاختيار الحر وما إلى ذلك من الشعارات المشابهة، كيف تقيمون هذا السلوك؟
+ بالنسبة لي الكل يتحمل المسؤولية، الدولة تتحمل المسؤولية وهي منطقية مع نفسها لأنها تعمل على إقامة مشهد سياسي محدد، ومضبوط على مقاسات معنية، يخضع لتوازنات محددة للتحكم في سير العملية السياسية بالبلاد، والأحزاب هي الأخرى تتحمل مسؤولياتها لأنها تقبل بالتزوير طالما أنه يخدم مصالحها وفي حالات العكس ترفضه وتحتج على نتائجه، لذلك يبقى مفروضا على الأحزاب السياسية أن تخلق نفسها من خلال اختيارها للمرشحين وأن تحرص على توفرهم على شروط المصداقية والنزاهة والاستقامة، وهذا الجانب رغم أهميته إلا أن المؤسسات الحزبية، لا تراعيه حق مراعاته فقط يحركها هاجس حصد أغلبية الأصوات ونفخ عدد المقاعد داخل المؤسسات المنتخبة، لتوفر بواسطتها شروطا مريحة داخل المؤسسة التشريعية، ومن مظاهر السلوكات السياسية للأحزاب أنها لم تعد تعتمد على مناضليها في الانتخابات، أصبحت تعتمد على أعيان القبائل وعلى باطرونات التمويل، دون أدنى اعتبار لعامل المصداقية والاستقامة، لذلك فإن الفساد لم يعد منحصرا في مؤسسات الدولة، بل امتدت إلى جوف الأحزاب، مما شوه ملامح المشهد السياسي وأفرغه في مصداقيته، الشيء الذي ترتبت عنه ظاهرة العزوف عن التصويت من طرف أفواج هائلة من الكتلة الناخبة، لأن حجم الإمساك عن الانتخابات وعدم المشاركة في العمليات السياسية يتزايد بشكل مخيف بالمغرب، والمسؤولية في هذا تبقى مسؤولية مشتركة.
- تم ضبط مجموعة من أعوان السلطة ورجالاتها خلال الانتخابات العامة المباشرة السابقة، لتورطها في إفساد العملية الانتخابية، كيف تعلقون على هذا الفعل؟
+ هذا الفعل يبقى عاديا جدا، لارتباطه بحجر الزاوية، لأن الاختيار السياسي يحدد الأساليب التي من شأنها تدبير العملية، إذ لا يمكن أن يحصل التزوير دون أن تكون الإدارة ضليعة، لكونها الساهرة على العملية الانتخابية، والمشرفة على اللوائح، والمراقبة للعملية في جميع مراحلها، وهي المؤثرة بشكل كبير على الكتلة الناخبة نفسها، لذلك ليس غريبا أن تتدخل على مستويات مختلفة، حيث أصبح التزوير بالنسبة لها أمرا عاديا ومسلما به، والدليل أنها لا تحرك ساكنا في هذا الباب لعلمها الأكيد بأن النتائج مطبوخة مسبقا وليس هناك شيء اسمه الحياد السلبي، هناك فقط الحياد واللاحياد.
- كسف السبيل لتجاوز هذه السلبيات التي ساهمت في تعطيل مسيرة البناء الديمقراطي بالمغرب؟
+ السبيل هو بناء الديمقراطية بمؤسسات ذات مصداقية وأن يحصل فصل سلط حقيقي بالبلاد، وأن تكون التشريعات تتضمن روح الديمقراطية، وتحترم إرادة الناخبين وأن تكون هناك آليات لتفعيل هذه المنظومة والترسانة القانونية التشريعية والإدارية التي تضمن الحفاظ على صوت الهيئة الناخبة، لأنه لا يعقل أن يتم استغلال الفاقة والحاجة والخصاص الذي يحيط بحياة المواطنين واستغلال القضايا التي تحتاج إلى حل، لاستمالة المواطنين للتصويت لفائدة جهة معينة، هذا الشكل اعتبره شخصيا تحقير للمواطنين وهذا في صلبه يؤثر على بناء ديمقراطية حقيقية، لذلك فإننا بحاجة إلى معركة جديدة للديمقراطية لا تنحصر في محاولة كسب أصوات الناخبين والمقاعد، إنما يجب أن تفعل وترسخ التربية على تقوية روح المواطنة، ليصبح بالفعل المواطن هو قلب العملية الانتخابية، لأنه كلما تحرر المواطن من مظاهر الاستلاب، كلما تمكن من الحسم في تحقيق ديمقراطية حقيقية.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
عبد المجيد بوزوبع / الحزب الاشتراكي
سماسرة الانتخابات مفسدون بامتياز
++++++++++++++++++++
- مع اقتراب كل محطة انتخابية بالمغرب، تبرز ظاهرة (وسطاء الانتخابات)، ممن يوجهون الكتلة الناخبة ويستميلونها لفائدة مرشح معين مقابل أقساط مالية يتم الاتفاق عليها مسبقا، كيف تقيمون هذه الظاهرة؟
+ بداية لا بد من الإشارة إلى أن إفساد العملية الانتخابية بالمغرب غدت أزمة بنيوية والعوامل المتدخلة في إفسادها متعددة تتطور وتنمو مع كل استحقاق واسمحوا لي كذلك أن ادقق معكم في التعبير الذي تفضلتم به في سؤالكم وهو "وسطاء الانتخابات" حيث من المفروض على كل حزب أن تكون له وسائط متعددة من إعلام ومناضلين يشتغلون بواجهات مختلفة للعمل الجماهيري يكونون القناة التي يمررون منها خطابهم الحزبي والدعاية لصالحه وتوجهاته عن قناعة وطواعية والتعبئة له في كل المحطات والاستحقاقات، أما الذين وصفتموهم بمن يوجهون الكتلة الناخبة لفائدة مرشح معين مقابل أقساط مالية فالتعبير القريب منهم هو "سماسرة الانتخابات" التي تعد من أعتق الآليات المستعملة في إفساد العملية الانتخابية التي من المفروض أن تشكل كباقي المجتمعات المعاصرة عنواناً هاماً للديمقراطية ومدخلاً للتطور الديمقراطي والاجتماعي في ظل التطورات المتلاحقة على المستويين الإقليمي والدولي.
- هناك مرشحين باسم أغلب الأحزاب المغربية، يستفيدون من خدمات هؤلاء (سماسرة الانتخابات) مع أن خطابهم السياسي ينبذ هذه الظاهرة، كيف تقيمون من جانبكم هذا التناقض
+ من المؤكد أن الأحزاب السياسية هي هيئات لتأطير فئات أو طبقات اجتماعية تنتمي إليها طبقيا وبرنامجيا عبر مشروع مجتمعي تناضل من أجل تحقيقه إما بالوسائل السياسية أو الجماهيرية أي أنها تنفتح على أفق مجتمعي مغاير. أما الأجهزة الإدارية و هذا حال هذه الأحزاب ليس لها أفق مجتمعي مغاير و لا تسمح بضخ دماء جديدة في جسمها المترهل و العجوز لذلك تتناسل و تنشق عنها الكثير من التيارات وقصة المنهجية الديمقراطية و أرض الله الواسعة … ليدلان على دغمائية هذه الأحزاب و تحولها إلى امتدادات مخزنية تستقطب أصحاب الشكارة والأعيان و أباطرة المخدرات و رموز الفساد المالي و الإداري والانتخابي. ولا غريب في الأمر مع انحصار خطابها وانحباس نموها وتسرب وإهدار طاقات بشرية نضالية مهمة أن تلتجئ إلى خدمات سماسرة الانتخابات بل هناك الكثير من مرشحي هذه الأحزاب يفوض هذا الأمر لمياومين أو بعد شركات الاتصال لتوزيع منشوره الانتخابي.
أضيف كذلك أن التحول الذي حصل عموديا و أفقيا في بناء المشهد السياسي جعل من معظم الأحزاب مجرد كتل انتخابية برنامجها السياسي هو التطاحن للحصول على المقاعد و المواقع و التلويك لخطابات رسمية والإشادة بها.
- ضبط خلال الانتخابات العامة المباشرة الأخيرة مجموعة من أعوان السلطة ورجالاتها يقومون بدور الوساطة لفائدة مرشحين معينين، ما هو تعليقكم على هذه الحالات ؟
+ إن من ضوابط النـزاهة وأسسها أن يكون هناك تكافؤ في الفرص، ولا أعتقد أن التكافؤ في الفرص قائم بين القوى السياسية المغربية، في مختلف توجهاتها، وبما أن الذين ضبطوا في انتخابات 8 شتنبر يقومون بدور الوساطة لفائدة مرشحين معينين هم مجموعة من أعوان ورجال السلطة هو دليل على انه يوجد هناك تقاطع بين مصالح الطرفين، المرشحين وأعوان ورجال السلطة ، وبالتالي تتدخل السلطة من خلال أعوانها ورجالها سواء بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، للتأثير على العملية الانتخابية، وعلى مجريات الانتخابات.
- كيف السبيل للتخلص من هذه الممارسات المشينة التي تحد من حرية الاختيار الشعبي، وتسيء لشفافية العلمية الانتخابية بالمغرب ؟
+ سوف يكون من ضرب التمني الادعاء انه في التجربة الانتخابية المقبلة سوف يتم التخلص من هذه المعوقات التي تفسد العملية الانتخابية لأن هذه الأوضاع والممارسات هي حصيلة تراكمات امتدت على مدى عقود من الإفساد الممنهج همّت بالأساس الحياة السياسية في شقيها الحزبي والانتخابي . ذلك أن تفريخ الأحزاب وصناعتها على المقاس المطلوب، وانعدام الديمقراطية الداخلية داخل الأحزاب، ساهم في عدم توفير الشروط الصحية اللازمة لبناء مغرب المستقبل الذي هو مغرب المؤسسات والمواطنة. كما أن إفساد الاستشارات الشعبية لم يخلق سوى فئات من الانتهازيين والسماسرة اجتاحوا المواقع، على اختلاف درجاتها...
لكن كل هذه المشكلات لا يمكنها أبدا أن تجعلنا في حالة انتظارية ولا تلغي أهمية إشاعة الوعي والمشاركة السياسيين على أوسع نطاق بين فئات المجتمع، لارتباط مستقبل هذه الفئات ومستقبل وطنها بقدرتها على الفعل والتأثير والتغيير وتحسين مستوى العمل السياسي.
فيجب أن تتضمن التشريعات الخاصة بتنظيم الانتخابات العديد من الضمانات التي تهدف إلى تحقيق انتخابات، نزيهة تعكس إرادة الجماهير الشعبية الحقيقية وتجريم جميع الممارسات والأفعال التي تقصد التأثير على نزاهة الانتخابات، وتحديد عقوبات توقع على مرتكبها، الذي قد يكون فردا عادياً، أو ممن أنيطت بهم بعض المهام والواجبات المتعلقة بالعملية الانتخابية .
إن نزاهة العملية الانتخابية وحرية المنافسة السياسية وإتاحة الفرصة للمواطن ليقول كلمته من خلال صناديق الانتخابات والإشراف القضائي على الانتخابات واستقلاله الكامل عن السلطة التنفيذية والتزام أجهزة الدولة كلها بما في ذلك الأجهزة الأمنية والإعلامية والقضائية وغيرها دورا حياديا خلال فترة المنافسة الانتخابية وحتى إعلان النتائج النهائية للانتخابات وما بعدها.. هي التي ستحكم على مصداقية الخيار الديمقراطي في البلاد، ذلك أن التلاعب في أي مرحلة انتخابية سوف يهدد هذه المصداقية.
وأضيف أنه ليس الأهم هو النزاهة الإجرائية للانتخابات فقط، للحصول على انتخابات نزيهة وشفافة بل تنضاف إلى ذلك معايير المصداقية والكفاءة التي تتحكم في اختيار المرشحين، والأدوار التشريعية والرقابية لمؤسسة البرلمان وتعاملها مع القضايا الحقيقية للمواطن المغربي كما أن على النخبة السياسية أن تؤهل نفسها وأن تستمد أخلاقياتها من رقي الاهتمام بالشأن العام، كما تستمد شرعيتها من موقعها المجتمعي.
وأخيرا في تقديري الخاص فحكمنا على النـزاهة لا بد أن يرتبط بتقييمنا لمدى الالتزام بقواعد السلوك، والأنظمة، والقوانين من كافة العناصر الفاعلة في العملية الانتخابية بدأً من، اللجنة المشرفة على الانتخابات، المرشحين وأحزابهم، الناخبين، المجتمع المدني والدولة، وأرى أن العنصر الأخير، هو من أهم عناصر العملية الانتخابية المقبلين عليها سواء في المرحلة الثانية للانتخابات الجماعية، أو الانتخابات التشريعية القادمة.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
بن يونس المرزوقي/ أستاذ القانون الدستوري
الأحزاب التي تعتمد على السماسرة ترفع شعارات مناقضة لسلوكاتها
+++++++++++++++++++++
- مع الإعلان عن أي موعد انتخابي جديد، تطفوا إلى السطح ظاهرة "وسطاء الانتخابات" الذين يؤثرون بشكل مباشر على إرادة الهيئة الناخبة، ويوجهونها حسب إراداتهم لفائدة أشخاص معنيين، مقابل أقساط مالية يتم التوافق بخصوصها مسبقا، كيف تقيم هذه الظاهرة؟
+ إن ظاهرة الوساطة في الانتخابات، ظاهرة معقدة يتقاطع فيها الصالح مع الطالح. فأن يكون لدينا مثلا هيئات منظمة وتابعة للأحزاب السياسية تقوم بهذا الدور بشكل علني ودون مقابل مادي، فهذه مسألة معقولة. لكن أن تتحول الوساطة بمعناها النبيل إلى سمسرة بالمفهوم التجاري القائم على البيع والشراء، فذلك ما لا يمكن قبوله.
إن التصويت عملية مقدسة، ناضلت الشعوب من أجل الحصول عليه وتعميمه من أجل اختيار أفضل من يمثلها، وبالتالي لا يمكن تحويله إلى سلعة بالمعنى الاقتصادي أي خدمة مؤدى عنها.
لقد انتشرت هذه الظاهرة بالمغرب لأسباب عديدة، أهمها الفساد الانتخابي الذي ساد لعقود، وتدني مستوى المنتخَبين، وجريهم وراء الامتيازات... لذلك ليس غريبا أن يندمج الناخب في اللعبة فيبحث بدوره عن مقابل مادي ظرفي.
إن الانتخابات تسمى حرة ونزيهة إذا لم يشبها أي تزوير من جهة الإدارة، وأن يعبر الناخب بواسطة ورقة التصويت بكل حرية، دون أن يضع نصب أعينه أي ضغط مهما كان نوعه. ورغم أن البعض يعتبر الحاجة أخطر ما يمكن أن يؤثر على الإرادة، فإنه ينبغي أن نلاحظ أن هناك مجتمعات أخرى يسود فيها الفقر بشكل أوسع لكنها لم تسقط في فخ تمييع التصويت.
- هل يمكنكم تحديد الآثار السلبية التي يمكن أن تلحقها هذه الظاهرة بمستوى النزاهة الانتخابية المطلوية؟.
+ أعتقد أن الآثار السلبية التي تلحقها هذه الظاهرة تمس مستويين: المستوى الأول يتمثل في المس بشكل واضح في نزاهة العملية الانتخابية. فالناخب لم يعبر عن إرادته ولكنه باعها وقبض الثمن، وبالتالي فالاقتراع هنا لم يكن حرا ولا نزيها، بل وستكون الحصيلة كارثية بصفة عامة، لأننا سنكون أمام هيئة تمثيلية مغشوشة: فقلب الناخب في جهة وتصويته في جهة أخرى. لذا فإن كلما يتعلق بالترشيح والحملة الانتخابية، والإقناع والتأطير سيتراجع لتحل محله السمسرة، البيع والشراء،الامتيازات.... وهذا لن يسمح للبلاد بالتقدم في الاتجاه الصحيح.
لكن الأخطر من كل هذا، هو المستوى الثاني الذي يهم ما بعد الاقتراع، حيث أنه مرة أخرى سيحرم الناخب نفسه من حقه في محاسبة المرشح الفائز. فلا يمكنه أن يلومه أو حتى أن يسأله أو يطلب منه خدمة أخرى، لأن الناخب/البائع قد قبض الثمن، والمنتخَب/المشتري أصبح حرا في البضاعة التي اشتراها.
ولنلاحظ كيف أن تردد الناخب على المنتخَب أو العكس عادة ما يكون في المراحل الأخيرة من الولاية الانتخابية من أجل التحضير للاستحقاقات القادمة. وهكذا ندخل دوامة تنزع عن الاقتراع كل مصداقيته.
-هناك منتخبين من كافة الأحزاب السياسية استفادوا من خدمات هؤلاء (سماسرة الانتخابات) مع أن أحزابهم ترفع شعارات مناقضة لسلوكاتهم على أرضية الواقع الانتخابي، كيف تقيمون من جانبكم هذا التناقض؟
+ بالنسبة لاستفادة أغلب الأحزاب المغربية من خدمات "سماسرة الانتخابات" يمكن إرجاعها إلى أن المرحلة الحالية تتميز بالرغبة في إثبات الذات نظرا لطبيعة المرحلة الانتقالية. فالأحزاب التي كانت تستفيد من التزوير سابقا تريد أن تثبت أن نتائجها هي نفسها وبالتالي فإنها كانت ولا تزال ضمن أية ترتيبات يتم تحضيرها للمستقبل. وأما الأحزاب التي كانت تعتمد على الإقناع في جلب الأصوات، فإن مشاركتها في الحكومة بدأت تنزع عنها مصداقية خطابها نتيجة عوامل عديدة، لذا لم يصبح أمامها إلا الاستمرار في التواجد على الساحة بكل الطرق الممكنة. وطبعا فإنه لا يمكن تعميم هذه الأفكار لأن الواقع معقد بشكل كبير: فالمرشح المناضل داخل حزب معين أكثر انضباطا من المرشح المستورد من حزب آخر أو من الحياة الاقتصادية...
ويمكن أن نخلص إلى أن التناقض الذي قد يقع فيه حزب ينبذ ظاهرة اللجوء إلى سماسرة الانتخابات، يكمن في أن التركيز لحد الآن يتم على "استعمال المال" لكن لا زال الحديث محتشما بخصوص "استعمال الخدمات" ( الانتقالات، تسوية الأوضاع الإدارية، شراء أدوية، أضحية العيد....)، وهي كلها خدمات يمكن أن يدرجها الطرف المعني ضمن الخدمات الاجتماعية أو الإنسانية أو حتى البر والإحسان.
- هناك مجموعة من أعوان السلطة ورجالاتها تورطوا خلال الانتخابات العامة المباشرة الأخيرة، لقيامهم بدور الوساطة لفائدة بعض الألوان السياسية، كيف تنظرون من جانبكم لهذه الحالات؟
+ بخصوص أعوان السلطة ورجالاتها الذين يقومون بدور الوساطة الانتخابية، يمكن القول أن الأمر يتعلق بظاهرة خطيرة بل إنها أحد المعوقات التي تحول دون الحصول على مستوى أعلى من النزاهة. إن الدستور المغربي يجعل الإدارة موضوعة رهن إشارة الحكومة أي أنها تنفذ السياسة الحكومية. لكن الواقع أثبت أن هناك خللا تنظيميا وسياسيا موروثا يتمثل في أن العمال مثلا رغم أنهم مندوبين عن الحكومة وممثلين للملك في العمالات والأقاليم، فإن وظيفتهم الأساسية لا تسير في هذين الاتجاهين معا، لدرجة أنه يمكن القول أن الإدارة ليست تحت تصرف الحكومة، وأن لها قواعدها المستقلة التي تحكمها. وتبعا لذلك، فإن أي تدخل من جانب الإدارة يجب أن تتم محاربته بصرامة من قبل الدولة نفسها، لأن هؤلاء يشوهون سمعتها من جهة، ويعيقون تطور النظام ليصل إلى مستوى خطاباته الرسمية بخصوص النزاهة والشفافية.
- ما هي السبل الكفيلة بالحد من هذه الممارسات المرضية التي من شأنها التأثير على إرادة الكتلة الناخبة، والإساءة لشفافية العملية الانتخابية بالمغرب؟
+ إن التخلص من هذه الظاهرة، يقتضي برنامجا طويل الأمد. لكن هناك بعض التدابير التي يمكن الشروع في تطبيقها ما دامت لا تتطلب أية ميزانيات.
فمن جهة أولى ينبغي سن نصوص قانونية أو إضافة بنود إلى القوانين الانتخابية الحالية تسمح للمجتمع المدني أن يتدخل عبر كل المراحل من خلال جمعياته وشبكاته تعزيزا لمصداقية الاقتراع، بل والسماح لها بأن تكون طرقا في كل القضايا التي تمس سير الاقتراع سواء أمام الهيئات الإدارية أو القضائية أو الإعلامية.
ومن جهة أخرى، ينبغي الشروع في عقلنة وضعية المنتخَب (خاصة البرلماني) من خلال تقليص الحصانة إلى أقصى حد ممكن، وتخفيض الرواتب والمعاشات وتعويض ذلك بوسائل العمل (الهاتف، الفاكس، أنترنيت، مقرات عمل ...)، وأخيرا فإن ربط علاقة مباشرة بين الولاة والعامل والحكومة كفيلة بخلق انسجام في الفريق المشرف على الانتخابات.


السحر والنساء



تحقيق خالد أمين:   

النساء والسحر.. عنوان تصاعد إلى رأسي لموضوع صحفي اعتقدت أنه مثير.. عرضت الفكرة وبدأت في استعراضها قبل التنفيذ.. ولكن تملكني تساؤل غريب مس الضمير الإنساني داخلي وشرع في صب اللعنات على الانحياز الدفين داخلي لبني جنسي من الرجال.. لماذا المرأة؟ هل صحيح ما يشاع أنها الأكثر ترددا على السحرة وأصدقاء الجان؟!
إذن لا بد من إخماد هذا الوجع الضميري المباغت بالتأكد من مصداقية هذا الاعتقاد، وكان لا بد أن تسير هذه الخطة التأكيدية في عدة اتجاهات.. أولا المرأة نفسها.. ثانيا أصدقاء الجان من السحرة.. وثالثا الدراسات الميدانية والبحثية وأهل العلم.. وجاءت الإثارة نفسها من هذه الخطة البحثية.
لقاء مع ساحر :
كانت البداية هي قمة الإثارة فقد قررت أن ألمس لب الموضوع بطريقة مباشرة بمنزل أحد السحرة وأستطلع بنفسي من الأكثر تواجدا لديه وأناقشهم والساحر أيضا بصفتي الصحفية.. وكانت نقطة الانطلاق عندما وصف لي أحد الأصدقاء رجلا مشهورا يتردد عليه عدد كبير من الناس؛ لأنه يحل المستعصية ويحضر لبن العصفور.. حينها انتفخت أوداجي وامتلأ صدري بالهواء وأنا أقطع حواري وأزقة حي الحسين الشعبي بوسط القاهرة وصولا لمنزل الشيخ ع. أ.
وبهذه الشجاعة اقتحمت منزله الأشبه بالكوخ الصفيح المكون من قطعتين متداخلتين؛ الأولى صالة استقبال كبيرة ينتشر في أرجائها نساء ورجال، وكانت النساء أكثر بكثير؛ حتى إن بعض الرجال المتواجدين يرجع سبب حضورهم إلى حرصهم على مرافقة زوجاتهم في زيارتهن إلى الشيخ.
المهم أن هذا الأسد الكاسر داخلي المتمثل في شخصيتي الصحفية تحول إلى فأر مذعور، وشعرت أنني مثل بالون ضخم أصابه نصل حاد فتسرب الهواء منه خلسة وانكمشت في طبيعتي المذعورة.. حتى المغادرة لم أقو عليها، وكلما راودني حسي الصحفي لأناقش الموضوع مع الموجودين لعنت هذا الحس وأخرسته، وتسحبت بحجة أنني سأحضر زوجتي وناقشت مساعد الشيخ في بعض الأمور الوهمية، وما إن وصلت لباب الكوخ أطلقت ساقي للريح عائدا لمنزلي وأنا أشعر أن شبح الشيخ الذي لم أره يطاردني!!
إذن من واقع المشاهدة كانت النساء الأكثر تواجدا بالكوخ.. لكن هذا ليس كافيا للحكم، لهذا لجأت لصديق أعرف عنه ولعه بمتابعة عالم السحر والشعوذة، صارحته بحقيقة الموضوع وطلبت منه اصطحابي لبعض هؤلاء ووافق بعد أن أقسمت بأغلظ الأيمان أني لن أوذيهم بذكر أسمائهم.. وبالفعل تمت المقابلة.
في البداية أكدوا لي -وعددهم أربعة- أن المرأة الأكثر ترددا عليهم من الرجال والسبب -كما تمسكوا جميعا- أن السيدة أكثر واقعية من الرجل؛ فهي تلجأ إليهم لثقتها في قدرتهم على حل جميع المشاكل، هذا بالإضافة -كما يؤكدون- إلى أن الجان هو السبب في معظم المشاكل الإنسانية وأنهم لقربهم من الجان يستطيعون التوسط لديهم لحل المشاكل، وشرحوا كيف يتصلون بالجان ويصلون لحل هذه المشاكل.
وبعيدا عن المؤمنين بهذه الأقاويل أو الرافضين لها -وأنا منهم- قال هؤلاء المعالجون من الجان: إن المرأة أكثر سعادة من الرجل في مجتمعنا العربي؛ لأنها أكثر ذكاء منه؛ فهي تستجيب لمطالب الأسياد أكثر، في حين أن الرجل بخيل بطبعه، ويتمثل هذا البخل في امتناع الرجال عن اللجوء إليهم وبالتالي عدم دفع أموال بحجة أن كل هذا خرافات، ولكن البخل هو السبب الحقيقي وراء إحجامهم عن اللجوء إلينا!!
المرأة الخليجية والمصرية :
وبسؤالي عن نوعية المشاكل التي تعانيها النساء وتلجأ بسببها إليهم، اكتشفت ولحسن الحظ أن اثنين من هؤلاء المعالجين من النوع الدولي تتردد عليهما النسوة والرجال من أقطار عربية مختلفة.. أكدا على أن مشاكل المرأة الخليجية تختلف عن مشاكل المرأة المصرية؛ فمشاكل المرأة الخليجية تمثل المصدر الرئيسي لدخلهم، وتنتعش حركة السياحة السحرية لهؤلاء في موسم الصيف وتدفع المرأة الخليجية ما بين 400 إلى 1500 دولار.
أما نوعية مشاكلهن فمختلفة ولكن معظمها بسيط وأقرب للامشكلة -كما يقولان- فهناك من تريد ألا يتزوج عليها زوجها، أو تكيد لنساء أخريات منافسات على قلب الزوج، وذكر أحد هؤلاء أن سيدة خليجية جاءته بابنتها تخبره أن عليها جانا يأكل أكلها لذلك فهي نحيفة ولا يزداد وزنها أبدا!! وطلبت منه أن يزيدها حجما ووزنا، وعندما سألته ماذا فعل لعلاج هذا الأمر أجاب: هذه أسرار أتركها على الله.
الشيء الأعجب أن أحدهما أكد لي أن أسرة خليجية استدعته خصيصا لبلدها وطلبت منه تحضير الأرواح لكي تحضر لها نتائج امتحانات أبنائها الثلاث من الكنترول!! وكان هذا الاستدعاء من الزوجة التي تعتبر من الزبائن الدائمين لديه صيفا وشتاء.
أما المصريات فمشاكلهن معروفة ومكررة؛ بداية من أحجبة المحبة والبحث عن ابن الحلال، مرورا بأحجبة النكد لمن تكره من النساء، وصولا إلى علاج أمراض عديدة والبحث عن أشياء مفقودة، والأدهى أن نسبة من المترددات عليهم ليس لديهن مشاكل ولكن يحضرن للتقرب للأسياد!
ولدى أحد الشيوخ والمعالجين والعارفين بشؤون السحر والجن كانت الفرصة متاحة لمقابلة عدد من السيدات، كثيرات رفضن الحديث.. ومن اللائي قبلن نختار نموذجين: النموذج الأول سيدة تبدو ريفية (غير متعلمة)، سألتها عن سبب حضورها، أجابت بعد تردد أن لها ابنة تخطت الثلاثين (تعليم متوسط)، ولم تتزوج رغم كثرة خطابها، وقد تمت بالفعل خطبتها عدة مرات ولكن تفشل الزيجة لأسباب غير معروفة في آخر لحظة؛ لهذا حضرت للشيخ بحثا عن الحل أو السبب في هذا النحس.. ورفضت الابنة الحديث، ورفض الشيخ أيضا إخباري بكيفية حل المشكلة.
النموذج الثاني سيدة تدعى س.م.ع جامعية متزوجة منذ 5 سنوات ولم تنجب رغم أن الأطباء أخبروها بعدم وجود مانع للإنجاب؛ فحضرت أيضا بحثا عن الحل لدى المبروك!! وعندما سألتها: هل تعتقد أنها ستجد الحل؟ أجابت أنها لا تعتقد في الجان والسحر والسحرة، لكن ما سمعته عن الشيخ هو مساعدته لكثير من السيدات على الإنجاب؛ وهو ما دفعها للحضور حتى لو كانت تبحث عن السراب، لكنه الأمل.
الدراسات تؤكد :
ولتأكيد مسألة أن المرأة الأكثر إقبالا على السحر والسحرة من الرجل وجدنا دراستين تناقشان هذا الأمر؛ الأولى هي الأحدث أعدها الدكتور محمد عبد العظيم الباحث بالمركز القومي للبحوث الجنائية الاجتماعية بمصر قبل 4 شهور، أكدت الدراسة على أن نصف نساء مصر يعتقدن في السحر والخرافات، وأن للجان تأثيرًا على مجريات حياتهن، كما أكدت الدراسة أيضا على أن النساء يتفوقن كثيرا على الرجال في هذا الأمر، ويصل عدد المترددات على السحرة والمشعوذين من النساء ضعف عدد الرجال.
وأضافت الدراسة أن المصريين رجالا ونساء ينفقون أكثر من 10 مليارات جنيه سنويا على قراءة الطالع وفك السحر والعلاج من الجان، وهناك دجال لكل 240 مصريا ومصرية.
الدراسة الثانية أعدتها الدكتورة سامية الساعاتي أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أكدت هذه الدراسة أيضا على أن النساء هن الأكثر اعتقادا في السحر والشعوذة والأكثر ترددا، وكشفت الدراسة عن أشياء خطيرة أخرى؛ حيث أكدت أن 55% من المترددات على السحرة من المتعلمات، و24% يجدن القراءة والكتابة، و30% من الأميات.. نفس النسب تقريبا تنطبق على الرجال.
وأضافت الدراسة أن 51% من المترددات متزوجات؛ وهو ما يوضح المشاكل الزوجية، و2.1% من العوانس الراغبات في نيل رضا المحبوب.. الطريف أن الدراسة كشفت عن أن 57% من المترددات اعترفن أنهن لم يحققن شيئا، في حين أعرب 42%عن اعتقادهن أنهن استفدن من السحر.
بعد الاطلاع على الدراسة توجهت بالسؤال إلى الدكتورة سامية الساعاتي عن رأيها في السبب وراء ارتفاع نسبة المترددات عن المترددين على السحرة، أجابت: الأسباب عديدة، لعل أهمها تفشي الأمية وانعدام الثقافة بمجتمعاتنا العربية التي تتميز أيضا بالاعتقاد في الخرافات والأساطير الشعبية الوهمية عن الجان وقدرته، بالإضافة إلى أنه هروب من الواقع، كما أن المرأة أضعف من الرجل ويستغل المشعوذ أو الساحر هذا الضعف ليخضعها لسيطرته وتستجيب لطلباته إرضاء للجان، كما أن الرجال أكثر عقلانية من النساء ولا يتم خداعهم بسهولة.
كما تؤكد الدكتورة إجلال إسماعيل أستاذة علم الاجتماع على كثرة تردد المرأة على المشعوذين عن الرجل، وأرجعت ذلك لأن المرأة أكثر تصديقا للشائعات؛ فهي تصدق بسهولة أن الدجال يستطيع حل مشاكلها، كما أنها تجد في السحر وسيلة سهلة ومريحة لحل الأزمات التي تتعرض لها وتميل للبوح بما يؤرقها بصورة أكبر من الرجل، بالإضافة إلى أن لديها وقت فراغ أطول ومسئوليات أقل!
محاضر الشرطة :
مصدر أمني مصري يكشف لنا المشاكل التي تسببها كثرة تردد النساء على الدجالين، ويقول: إن هذا يهدر أموالهن التي تنفق على السحرة دون فائدة، وتكثر عمليات النصب باسم السحر والاستيلاء على مصوغات وأموال النساء مقابل السحر، وهناك حالات يتم ضرب السيدات فيها بشدة لإخراج الجان وصلت للموت في مرات عديدة، وبعضها يتم بيد أهل السيدة بحجة إراحتها من الجان، والأخطر من ذلك أن المرأة تتعرض للاغتصاب تحت تأثير النصابين من السحرة وأعوانهم!!
وقبل أن نترك هذا المصدر الأمني طلبنا منه إيضاح حقيقة علاقة بعض الفنانين بالسحرة والدجالين؛ فأكد أن الكثير من نجوم المجتمع على علاقة بالدجالين، وإن كانت النسبة الأكبر أيضا للفنانات، ومن واقع محاضر الشرطة يضرب لنا أمثلة؛ فقد تم القبض على دجالة تدعى الشيخة ق والتي سميت بساحرة الفنانين، وكشفت للشرطة النقاب عن كوارث في عالم الفن على مدى سنوات من عملها، قالت بأن فنانة تنتمي لأسرة عربية ش. س لجأت إليها لتوقع نجما مشهورا أسمر البشرة في حبائل حبها، كما لجأت إليها الممثلة هـ.ص لتعمل لها عملا يدفع زوجها لتطليقها، والممثلة الشابة س. ر كانت تستشيرها في كل أمورها.
كما كشف المصدر أن راقصة معتزلة كانت تقيم جلسات بمنزلها لأحد الشيوخ تحضرها معظم الفنانات، وروى أشياء عجيبة كانت تحدث بين الممثلتين المصريتين ن.ع ون.أ في مجال المنافسة الفنية بينهما

مواعيد المعنوية بدون أعمال في سيدي افني



خالد أمين:   
لازال سكان بسيدي إفني ينتظرون من الوزير الأول تنفيذ الوعود التنموية، التي قطعتها حكومته على نفسها، إبان أحداث السبت الأسود الشهيرة، 
ولا زالت الألسن بالمنطقة تلوك موضوع الملايير المخصصة لتهيئة ميناء المدينة، على اعتبار أن هذا الأخير يعتبر المتنفس الوحيد القادر على استيعاب الطاقات المعطلة بالإقليم. الالتزامات  «تأخرت أكثر من اللازم بشكل يطرح علامات استفهام حول جدية الحكومة في الوفاء بها، خاصة ما يتعلق منها بالتشغيل والبنيات التحتية المهترئة، قبل حدوث أي تغيير جذري أو جزئي في البنية الحكومية وحلول مسؤولين آخرين وخطط وبرامج أخرى مختلفة محلها».
منذ الإعلان الرسمي عن إنشاء عمالة سيدي إفني، تتالت ردود الفعل المرحبة من قبل ساكنة المنطقة وفعالياتها المدنية والسياسية، خاصة أن مطلب إنشائها رفع منذ عدة عقود ولم تتم الاستجابة له إلا في إطار حراك شعبي عارم بالمنطقة. وفي مقابل ذلك، ظهرت ردود فعل متوجسة من خطوة التقسيم، بعد تأخر تفعيلها لسنة كاملة وضعف الآليات المساعدة على تحقيق «التوازن التنموي» بين مركز العمالة وبقية المناطق الجبلية المشكلة للإقليم.
وتضم عمالة سيدي إفني بلديتين ودائرتين ترابيتين، هما بلدية الأخصاص وبلدية سيدي إفني، بالإضافة إلى ثماني جماعات قروية بدائرة إفني، وهي جماعات «مستي، اسبويا، أمي نفاست، اثنين أملو، تنكرفا، أربعاء أيت عبد الله، تيوغزة، مير اللفت»، وتسع جماعات قروية بدائرة الأخصاص، وهي جماعات «سيدي مبارك، سيدي حساين أوعلي، آيت الرخاء، سيدي عبد الله أوبلعيد، بوطروش، إبضر، تيغيرت، سبت النابور، أنفك»، كما خصص التقسيم الإداري الأخير 265 مقعدا للمستشارين الجماعيين بمختلف الجماعات القروية والحضرية، بينها 38 مقعدا مخصصا للنساء في إطار اللوائح الإضافية، التي تم إقرارها بموجب التغييرات الطارئة على الميثاق الجماعي، فيما لا زال الحديث جاريا بين صفوف أبناء المنطقة وعدد من السياسيين عن العدد المخصص للمقاعد البرلمانية بالإقليم الجديد.
وعود حالمة ومطالب مؤجلة
لازال سكان بسيدي إفني ينتظرون من الوزير الأول عباس الفاسي تنفيذ الوعود التنموية، التي قطعتها حكومته على نفسها، إبان أحداث السبت الأسود الشهيرة، ولا زالت الألسن بالمنطقة تلوك موضوع الملايير المخصصة لتهيئة ميناء المدينة، على اعتبار أن هذا الأخير يعتبر المتنفس الوحيد القادر على استيعاب الطاقات المعطلة بالإقليم. وقال السكان في تصريحات متفرقة لـ«المساء» إن «الجهود التنموية المبذولة لحد الآن من قبل العمالة والمجالس المنتخبة لا تكفي لإثبات مدى جدية الوعود، التي سوقت لها الجهات الرسمية عقب الأحداث، وروجت لها بقوة بعد إنشاء العمالة»، مضيفين أن الالتزامات المذكورة «تأخرت أكثر من اللازم بشكل يطرح علامات استفهام حول جدية الحكومة في الوفاء بها، خاصة ما يتعلق منها بالتشغيل والبنيات التحتية المهترئة، قبل حدوث أي تغيير جذري أو جزئي في البنية الحكومية وحلول مسؤولين آخرين وخطط وبرامج أخرى مختلفة محلها».
كما لازالت الأصوات، التي تعالت بخصوص ضرورة جبر الدولة للضرر الجماعي، الذي لحق أعدادا كبيرة من الساكنة المحلية صبيحة السبت الأسود، تنتظر الاستجابة لمطالبها الحقوقية، على اعتبار أن الجراح التي أصابتها لم تندمل بعد، وأن المتابعات القضائية لا تزال مستمرة في حق العديد من معتقلي الأحداث، وعلى رأسهم أعضاء مسؤولون بالمجلس البلدي، وفاعلون محليون من مختلف التوجهات. وشدد المتحدثون على ضرورة التعجيل بفتح أوراش وطنية حول الحكامة الأمنية، ضمانا لعدم تكرار ما وقع بسيدي إفني في حق أي مواطن مغربي، كما طالبوا بضرورة الانكباب على معالجة الملف الحقوقي المرتبط بالأحداث، بما في ذلك إعادة المطرودين والموقوفين عن العمل (حالة عبد المالك الإدريسي وإبراهيم سبع الليل)، ومتابعة من وصفوهم بـ«الجلادين»، الذين ثبت تورطهم في خروقات حقوق الإنسان بالمنطقة، مشيرين إلى أهمية توفير خمسة شروط لترسيخ المصالحة المطلوبة، وعلى رأسها اعتذار الدولة بشكل رسمي عما حدث بالمنطقة، ومتابعة المسؤولين على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتبرئة ساحة كافة المتابعين على خلفية الأحداث، وإعادة الموقوفين إلى وظائفهم الأصلية.
الاحتقان الصامت
أثارت عمليات التحديد الغابوي، التي أقدمت عليها المديرية الإقليمية للمياه والغابات بسيدي إفني، ردود فعل غاضبة في صفوف الساكنة، التي خرجت مرارا وتكرارا لتأكيد مدى تشبثها بأراضي الأجداد، ورفضها القاطع لسياسة التحديد، التي تعود قوانينها إلى عقود طويلة. وفي هذا السياق، عبرت عشرات الهيئات المحلية بإقليم سيدي إفني عن غضبها الشديد من إقدام المياه والغابات على تحديد أملاكهم، التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ مئات السنين، كما عبروا عن تخوفهم من تفويت الأملاك المتواجدة بغابة «بورصاص» وتضم مناطق تدعى «تولاشت، أكندو، تزايفت» الواقعة بتراب ثلاث جماعات قروية تابعة للإقليم، وهي جماعات «اثنين أملو، تيوغزة، وميراللفت».
وقال المحتجون، في البيان الموقع من قبل عدة هيئات، وحصلت «المساء» على نسخة منه، إن إدارة الأملاك الغابوية تشن هجمة لنزع الملكية من صغار الفلاحين والملاكين الحقيقيين بقبائل آيت باعمران، تحت يافطة ما يسمى التحديد الإداري المستند إلى الظهير الصادر منذ الثالث من شهر يناير من سنة 1916. ففي الوقت الذي تنتظر الساكنة ورشا تنمويا حقيقيا يهدف إلى إخراجها من دوامة الفقر ويحفظ لها حقوقها التاريخية في الملكية وحق التصرف، تفاجأ المتضررون - يقول البيان- بفرض الدولة سياسة الأمر الواقع، وذلك بُغْية تمهيد الأرضية القانونية الخصبة للوبيات العقار ومستثمري غابات الأركان على المستويين الوطني والدولي، معتبرين أن هذا الأمر يعتبر «خرقا سافرا للمواثيق الدولية وحقوق الملاكين الأصليين».
وأكدت الهيئات الحقوقية والسياسية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني بسيدي إفني وقبائل آيت باعمران على خطورة ودقة المرحلة الراهنة، وأعلنت تضامنها اللامشروط مع ضحايا سياسة نزع الملكية بالمنطقة، التي دخل فيها مجموعة من المتضررين إلى دهاليز القضاء مع إدارة المياه والغابات، واصفين المحاكمات المذكورة بـ«غير القانونية والمتواطئة»، كما حذرت الجهات المسؤولة مما ستؤول إليه الأوضاع في حال التمادي والاستمرار في هذه السياسة، ودعت كافة الإطارات إلى الانخراط في المحطات النضالية المرتقبة، من أجل وضع حد لهذه الممارسات، التي قالوا إنها «مخالفة للقوانين والأعراف وخصوصيات المنطقة»، معبرين أيضا عن استعدادهم للدفاع عن حق الأفراد والجماعات في حرية التصرف في الأملاك العقارية وصون مصدر قوتهم اليومي.
الجالية على خط الصراع
لم تفوت الجالية البعمرانية المقيمة بالخارج فرصة التعبير عن موقفها من عمليات التحديد المستمرة بالمنطقة، فدخلت على خط الصراع المباشر بين السكان والإدارة الوصية، وقالت في البيان، الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، ووقعته تسع جمعيات تتواجد بالديار الفرنسية (تجمع إفني أيت بعمران للتضامن، جمعية تنكرفا تيويزي بفرنسا، جمعية مستي للتنمية والثقافة بفرنسا، جمعية الجيل الجديد لأباينو المتضامن بفرنسا، جمعية إد ركيك تنكرفا بفرنسا، جمعية العمال المغاربيين بفرنسا، جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، جمعية المغاربة بفرنسا، جمعية تمينوت بفرنسا)، إن هذه الجمعيات قامت بدراسة متأنية ومستفيضة للموضوع، ووقفت على مجموعة من الخروقات التي تمس حق الملكية للأشخاص.
كما وقفت الجالية على العيوب المسطرية للعملية، وكشفت عما وصفته بـ«الأساليب الاحتيالية واللاشرعية، التي اعتمدتها إدارة المياه والغابات قصد تمرير هدا المشروع، وعلى رأسها ما يتعلق بعدم تبليغ الساكنة تبليغا رسميا وفق ضوابط مسطرة التبليغ المعمول بها (الإشعار بالتوصل)، ومحاولة تهجير الساكنة الأصلية من أراضيها، سواء بالمتابعات القانونية أمام المحاكم (نموذج حالة عمر الشهيد ورزقي العربي بدوار إهامشيون جماعة أملو)، أو منع رخص البناء عن السكان لأسباب واهية، وتصل التجاوزات في بعض الأحيان إلى هدم المنازل كما وقع في قيادة مستي، والتنسيق مع مجموعة من أبناء المنطقة قصد تمرير مشروع الجمعية الإقليمية لذوي الحقوق ومستغلي شجرة أركان، كما لاحظت اللجنة الجمعوية أن مشروع التحديد الغابوي لا يزال يعتمد على قوانين تعود إلى الحقبة الاستعمارية (ظهير يناير 1916، ظهير أكتوبر 1917، ظهير مارس 1925، ظهير أبريل 1949)، التي لم تعد ملائمة لتطورات العصر ومتطلبات الساكنة المحلية على المستويين الاقتصادي والسوسيوثقافي.
وطالبت الجالية البعمرانية المقيمة بالخارج بالإلغاء الفوري لهذا المشروع الملغوم - على حد تعبيرها - وإلغاء جميع القوانين التي تعود إلى مرحلة الاستعمار وسن قوانين جديدة تضمن للمواطن حق المواطنة، كما طالبت بإعادة الأراضي المنتزعة إلى أصحابها الأصليين وضمان حق الملكية لساكنة المنطقة، ونددت بما أسمته «التواطؤ المفضوح» بين السلطات المحلية والإقليمية وإدارة المياه والغابات، من جهة، وبين المنتخبين وبعض الانتهازيين ومصاصي الدماء، من جهة ثانية، قصد فرض المشروع على ساكنة أيت بعمران، إرضاء لأولياء نعمتهم في مراكز القرار. وحملت الجالية المسؤولية لرؤساء الجماعات القروية والمنتخبين لعدم قيامهم بواجبهم تجاه ناخبيهم، والمتمثل في التوعية بخطورة هذا المشروع وأثره السلبي على حياة واستقرار الأهالي بالإقليم، والتزمت الجمعيات البعمرانية بفرنسا وشركائها، من جمعيات حقوقية ومنظمات إنسانية، بالدفاع عن هذا الملف عبر أشكال نضالية تصعيدية داخل أرض الوطن وخارجه.
عسكريون مهددون بالرحيل
وجه 13 متقاعدا في صفوف القوات المسلحة الملكية بسيدي إفني ملتمسا للملك محمد السادس بعد عجزهم عن أداء مستحقات الكراء، التي ارتفعت قبل 15 سنة دون سابق إعلان، وتهديدهم بالإفراغ من مساكن قضوا فيها سنوات عمرهم الطويلة، ولا يملكون عنها بديلا.
وقال العسكريون، في المراسلة الموجهة إلى جلالة الملك عبر كتابته الخاصة، إنهم «دافعوا بأغلى ما عندهم عن تراب الوطن، وتواجدوا في الخطوط الأمامية بالحزام الأمني، إلى أن تمت إحالتهم على التقاعد»، وأضافوا أن «أسرنا لا تزال تقطن في مساكن تابعة للأملاك المخزنية حتى سنة 1997، حيث فوجئنا بتحويل مساكننا إلى وكالة السكن والتجهيزات العسكرية، فانتقلت السومة الكرائية من 65 درهما إلى 550 درهما فما فوق في الشهر، وهو ما عجزنا عن أدائه وتسديده، لتتراكم علينا الديون منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، فتم تهديدنا بالإفراغ عدة مرات». وأوضح الموقعون على الرسالة، التي تتوفر الجريدة على نسخة منها، أن «هذا الأمر إذا حصل سيعرضنا للضياع والتشرد، ولن يكون لنا مأوى سوى الشارع»، والتمس العسكريون عطف الملك والشفقة على أسرهم التي أصبحت «لا تنام خوفا من الطرد أو التشرد»، كما التمسوا تمكينهم من تملك تلك المنازل، خاصة أن الكراء الجديد لا طاقة لهم به، على اعتبار أن دخلهم الشهري ـ كما يقولون - يتراوح بين صفر درهم وألفي درهم على أكثر تقدير.
الميداوي مطلوب بأيت الرخاء
طالب سكان بجماعة أيت الرخاء بإقليم سيدي إفني بإيفاد لجنة من المجلس الجهوي للحسابات، للتحقيق في طرق صرف المال العام بالمنطقة، سواء من قبل الجماعات القروية أو المصالح الخارجية المختلفة، أو تلك التابعة لعمالة الإقليم، وهددوا بتصعيد وتيرة احتجاجاتهم في الأيام المقبلة، للتعبير عن غضبهم مما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية بالمنطقة، ومما أسموه «استشراء الفساد في عدد من مجالاتها الحيوية»، ورفعوا الخبز وشارات النصر تنديدا بما تعرفه عملية توزيع الدقيق المدعم من «اختلالات» طالبوا بمعالجتها في أقرب الأوقات، كما شددوا في الشعارات واللافتات التي رفعوها في الاحتجاجات، التي رافقت تحركاتهم الأخيرة، على ضرورة الالتفات إلى مطالبهم الآنية والمستعجلة قبل فوات الأوان.
وفي نفس السياق، دعت تنسيقية أيت الرخاء لرفع الظلم والتهميش عن ساكنة المنطقة، إلى خوض جميع الأشكال الاحتجاجية المنددة بالأوضاع التي وصفتها بـ«المزرية»، والتي آلت إليها المنطقة قبل وبعد إحداث عمالة سيدي افني، كما أعلنت رفضها للتقسيم الإداري الأخير، الذي قالت إنه «أبعدها عن الإدارة والمصالح الخارجية، وأثقل كاهل المواطنين بالمصاريف». وأدانت التنسيقية في البيان، الذي وزع على أوسع نطاق بالمنطقة، وحصلت «الجريدة» على نسخة منه، ما أسمته «تملص عامل الإقليم وعدم تنفيذه للوعود التي قطعها للساكنة في زيارته الأولى للمنطقة، إثر تعيينه على رأس العمالة الجديدة»، مؤكدين عزمهم على تنظيم وقفات احتجاجية أخرى في أوقات متفرقة من السنة الجارية بسوق أيت الرخاء، ومشيرين إلى أن «الأوضاع والقرائن الموجودة تبين مدى نفوذ رموز الفساد بالمنطقة، وأن استمرار النية الإقصائية في حق المواطنين لن يثنيهم عن خوض جميع الأشكال النضالية الراقية»، كما أعلنوا في الوقفة، التي نظمت خلال الشهر الماضي بالسوق الأسبوعي للمنطقة وشارك فيها، إلى جانب عدد من سكان المنطقة، طلبة أيت الرخاء بموقع أكادير وأعضاء بتنسيقية «تنزروفت»، (أعلنوا) عن تمسكهم بالملف المطلبي، وأكدوا استمرارهم في خوض مجموعة من الأشكال الاحتجاجية والوقفات السلمية إلى أن تتم الاستجابة لجميع المطالب.
من جهتها، نددت حركة شباب أيت رخاء من أجل التغيير، بما وصفته بـ«سياسة غض الطرف من طرف السلطات الإقليمية عن المفسدين والسماسرة وتكميم الأفواه عن الخروقات الواضحة للعيان»، وطالبت بإيفاد لجنة خاصة من المجلس الجهوي للحسابات لافتحاص المال العام، الذي قالت إنه «أصبح لقمة سائغة في أفواه المفسدين»، كما طالبت بـ«إسقاط الفساد والمفسدين وإزالة الحصانة عن المتربصين بأحوال الساكنة»، داعية القاطنين بالمنطقة والمتحدرين منها إلى الانخراط في الوقفات الاحتجاجية المعلنة أمام الجماعات المحلية بالمنطقة، وإلى المشاركة في المسيرة المرتقبة على الأقدام للنزوح صوب عمالة سيدي إفني، التي وصفوها بـ«عمالة التمييز»، وقالوا إنها «لم تزد المنطقة إلا قهرا وبعدا عن التنمية»، كما نددوا بالممارسات اللامسؤولة واللاأخلاقية للسلطات الرامية - حسب قولهم - إلى إرساء مشروع الإقصاء والتهميش، واستغلال البسطاء من سكان المنطقة، باستعمال جميع الوسائل المتاحة، من قبيل «التهديد بزجهم في غياهب السجون في حالة عصيانهم أو مخالفة أوامر بلطجيتهم»، مشيرين إلى أن «شِراك لوبيات الفساد لم تقف عند هذا الحد، بل عملت على تأسيس العديد من الجمعيات، وتضخيم مبالغ الصفقات الجماعية وتمريرها لبعض مستشارين المحظوظين، في مقابل التدخل لدى السلطات المحلية لمنع تأسيس جمعيات غير موالية للأشخاص المتنفذين بالمنطقة».
مطالب شبابية بالأخصاص
طالب المشاركون في اليوم الدراسي المنظم مؤخرا ببلدية الأخصاص حول موضوع «تأهيل وتقوية قدرات الجمعيات المحلية»، بدسترة قانون الجمعيات، على اعتبار الدور المحوري الذي يلعبه النسيج الجمعوي في ترسيخ قيم المواطنة وتنمية المناحي الحياتية المختلفة، كما طالبوا بتأسيس تنسيقية للجمعيات المحلية بالجماعات التابعة لدائرة الأخصاص، بغية تنسيق الجهود وتوحيد التصورات بخصوص القضايا التنموية الكبرى.
وشدد المشاركون، في اللقاء الذي أشرفت على تنظيمه اللجنة المكلفة بالتنمية البشرية والشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية المنبثقة عن المجلس البلدي، على ضرورة وضع برنامج تكويني لفائدة الجمعيات المحلية، وإشراك هذه الأخيرة في تسيير المركبات الثقافية الجديدة، والتعجيل بتأهيل دار الشباب، كما طالبوا في التوصيات الصادرة عن اللقاء بتشجيع ودعم المكونات العاملة في محو الأمية، والمساهمة في حث الجمعيات المحلية على استثمار تكنولوجيا الإعلام من أجل التواصل، وتكوين متخصصين إقليميين لدى وزارة الشبيبة والرياضة ووضعهم رهن إشارة الجمعيات، كما دعوا المجلس البلدي إلى دعم التعاونيات النسائية العاملة بالمنطقة، وإعداد برنامج أنشطة مشتركة بين الجمعيات. وطالب المتدخلون، في اللقاء الذي حضره 44 فاعلا جمعويا يمثلون 21 جمعية محلية، بضرورة تبسيط المساطر الإدارية الخاصة بتأسيس الجمعيات، والاشتغال وفق منظور سوسيو ثقافي، يساهم في إعادة الاعتبار للغة والثقافة الأمازيغية كأهم عنصرين في التنمية والتكوين الذاتيين، كما طالبوا بالتعجيل بفتح النادي النسوي، وتفعيل المقاربة الحقوقية في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بالمؤسسات المختلفة، ووضع آليات للاستفادة من النماذج والتجارب الناجحة في العمل الجمعوي، دون إغفال آليات أخرى لتفعيل التوصيات المستخلصة من اللقاء، بدل تركها عرضة للإهمال على رفوف الجماعة.
دور الطالب على صفيح ساخن
خاض عدد من مستخدمي دور الطالب والطالبة بإقليم سيدي إفني وقفة احتجاجية أمام مقر العمالة، للمطالبة بمعالجة مشكل صرف الأجور المستحقة، والتضامن مع أحد زملائهم المطرودين من العمل بإحدى دور الطالب بالمنطقة. وخلال الوقفة، التي تعتبر الثانية من نوعها في ظرف شهر واحد بسيدي إفني، بعد الوقفة التي كانت بجماعة مستي في الرابع من شهر ماي الماضي، ردد المحتجون شعارات منددة بالأوضاع التي تعيشها دار الطالب بنفس الجماعة، خاصة في الأمور المتعلقة بتأخر صرف المستحقات الشهرية لبعض المستخدمين والمستخدمات، حيث وصلت مدة تأخير الصرف إلى 28 شهرا بالنسبة إلى المستخدمات وخمسة أشهر بالنسبة إلى المستخدمين، كما تم تنبيه المسؤولين والأوصياء على القطاع، من طرف نقابة الاتحاد العام للشغالين بتيزنيت وسيدي إفني، إلى جملة من الاختلالات والارتباك في التسيير الذي تعيشه بعض المؤسسات الاجتماعية بالإقليم.
وفي البيان، الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، عبر المحتجون عن أسفهم مما يعانون منه في القطاع، في ظل ما أسموه «تفشي الفساد» في دواليب تسيير بعض هذه المؤسسات الاجتماعية، وقالوا إنها طالت السواد الأعظم بدون أية التفاتة تذكر، إلى أن وصلت المعاناة إلى نزلاء المؤسسات، كما طالبوا بفتح تحقيق فيما يقع بدار الطالب بجماعة مستي، بعد استقالة أربعة أعضاء من الجمعية المسيرة من أصل سبعة أعضاء يشكلون مكتبها الإداري، وإنصاف المستخدم محمد بعيز، الذي طرد بناء على حسابات وصفها البيان بـ«الضيقة والسياسوية»، مشددين على ضرورة الإسراع في صرف أجور المستخدمات والمستخدمين بدور الطالب والطالبة بمستي، الذين لا يجدون - حسب المحتجين- ما يسدون به رمق العيش، في ظل التماطل الذي وصفوه بـ«المقصود والمفتعل»، وطالبوا بالاستجابة لما يحتويه الملف المطلبي، الموجه لكل من السلطات الإقليمية والمندوبية الإقليمية للتعاون الوطني، وفتح الحوار مع النقابة الممثلة للمحتجين. وحمل الغاضبون مندوبية التعاون الوطني بتيزنيت مسؤولية تفشي الأوضاع المزرية التي تعيشها هذه الشريحة، بصفتها وصية على القطاع، قبل إحداث عمالة سيدي إفني، وطالبوا بإدماج المستخدمين في الوظيفة العمومية، والرفع من منح التعاون الوطني، كما استنكروا ظروف الإيواء للنزلاء، وطالبوا بفتح تحقيق في هذا الصدد، كما شجبوا جميع أشكال التهديد والاستفزاز والترهيب الذي يتعرض له المستخدمون، وحملوا مسؤولية انقطاع المستفيدين عن الدراسة للجهات المعنية بمراقبة السير العام لدور الطالب والطالبة بالإقليم. وقال الغاضبون إن الاحتجاج الحالي جاء ضدا على سياسة الإهمال وسياسة التخويف والتيئيس المتبعة من طرف بعض الجمعيات المسيرة لدور الطالب والطالبة والجهاز الإداري الوصي عليها، وهو ما فتح ـ يقول البيان الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه - الأبواب لتكريس أقصى ما يمكن تكريسه من سياسة التسلط والتعسف والقمع والتهديد المتواصل بالطرد التعسفي والممنهج، والتضييق على الحريات والتأخير العمدي للأجور، التي قالوا إنها «لاتسمن ولا تغني من جوع»، وأضافوا أن شغيلة القطاع تعيش تحت وطأة المتسلطين على هذا القطاع الخيري، الذي يفترض أن تشمله عناية كافة شرائح المجتمع من منتخبين وأعيان ومؤسسات اجتماعية وجمعيات ذات مصداقية وسلطات إقليمية وجهوية ووطنية، مؤكدين أنهم ما فتئوا يدقون جميع الأبواب من أجل الكرامة وحرية الانتماء والتعبير، ومعلنين عزمهم على مواصلة النضال إزاء ملفهم المطلبي، والقيام بجميع الأشكال الاحتجاجية التي يمليها الظرف، بغية الحصول على حقوقهم.  وكانت إحدى الجمعيات الخيرية بسيدي إفني قد لجأت إلى إحضار عون قضائي، بغية تثبيت الغياب على بعض المستخدمين المشاركين في الحركة الاحتجاجية، والتمهيد لخطوات طردهم من العمل، لكن الأجهزة الوصية تؤكد على ضرورة احترام الحق في الاحتجاج، الذي يكفله الدستور، في إطار الضوابط المعمول بها في هذا الإطار، وقامت إحدى المتضررات من عدم التعويض من مستحقاتها الشهرية، برفع شكاية إلى وكيل الملك بابتدائية تيزنيت - حصلت الجريدة على نسخة منها- ضد أحد المسؤولين بجمعية دار الطالبة بجماعة مستي، طالبت فيها بالتحقيق في الضرر المعنوي والنفسي الذي طالها جراء ما أسمته «السب والشتم والإهانة الحاطة من كرامتها»، عقب إحدى الاجتماعات الأخيرة بالمنطقة.
الرحل والغضب المتزايد
خرج المئات من ساكنة الجماعات الخمس المشكلة لقبائل «إمجاض» بسيدي إفني، في وقفة احتجاجية أمام مقر قيادة «تيغيرت»، رافعين شعارات منددة باكتساح الرعاة الرحل لمزارعهم، وتأثيرهم على المحصول السنوي، الذي تعتمد عليه الآلاف من الأسر في معيشها اليومي، وطالبوا بترحيل الآلاف من رؤوس الماشية من قطعان الأغنام والماعز والإبل، التي أتت على الأخضر واليابس، رغم التنبيهات المتكررة للسلطات المحلية من قبل السكان، للحيلولة دون وقوع اشتباكات بين الطرفين. لكن التطورات الميدانية جعلت التخوفات حقيقة واقعية، بعد وقوع اشتباكات واصطدامات مباشرة بين الطرفين، وبعد استباحة الرحل للأراضي والممتلكات، وإغلاقهم للطريق العمومية ومنع سكان جماعات «بوطروش وإبضر وأنفك وإفران الأطلس الصغير» من العودة إلى منازلهم يوم السوق الأسبوعي، وهو ما أدى إلى سقوط بعض المصابين في صفوف الساكنة المحلية، ولم تتمكن السلطات المحلية والأمنية من السيطرة على الموقف، إلا بعد حضور تعزيزات أمنية ساهمت في فض الاشتباك وتأمين المغادرة للرحل عبر مركز جماعة «تيغيرت»، كما زاد من تأزيم الأوضاع تقديم رئيس جمعية «أكماض أسكا» بجماعة انفك، بعد تقديم الرحل لشكايات تتهمه بالتسبب في قتل بعض مواشيهم.
وإلى جانب فعاليات المنطقة المنتمية لحركة 20 فبراير، وتنسيقية قبائل إمجاض بسيدي إفني، طالب السكان بالترحيل الفوري للبدو الرحل من كل مناطق إمجاض، ومحاسبة كل المتورطين في توفير الدعم والحماية لهم، وتعويض كل المتضررين، سواء من السكان المحليين أو من الرحل، بعد بحث تجريه لجنة مستقلة، كما طالبوا بتوقيف المتابعات القضائية في حق كل المتابعين، على خلفية المشاكل والقضايا المرتبطة بالرحل، وبفتح تحقيق نزيه في تلك الوقائع، مع التأكيد على عزم الجمعيات الدخول في الدعاوى القضائية كطرف مدني، مشددين على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الاستعجالية لحماية ساكنة المنطقة من تجاوزات الرحل، المتمثلة في الاختطاف وتسميم الآبار والهجوم على الممتلكات وإتلاف المزروعات، ومؤكدين على ضرورة خلق لجنة إقليمية مشتركة تضم ممثلين عن المديرية الإقليمية للفلاحة ومصلحة المياه والغابات والسلطات المحلية والإقليمية والدرك الملكي والجماعات المحلية وشبكة جمعيات إمجاض، يعهد إليها تحديد موسم الترحال السنوي لقطعان الماشية، مع مراقبة العملية وتتبعها، وتحديد مناطق يمكن الترخيص فيها للرعي مقابل واجبات تستخلصها الجماعات أو الجمعيات، بالإضافة إلى تحرير محاضر المخالفات والغرامات والعقوبات، التي يفرضها الإخلال بما تم الاتفاق عليه. ودعا المتضررون مصلحة المياه والغابات والجماعات والسلطات المحلية إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة في حماية الغطاء النباتي، خاصة غابة أركان والعرعار وأوراش التشجير بكل من دواوير «إملاكاون وإد لحسن أعمر وتغلولو» من عمليات الاستنزاف، التي تقوم بها الآلاف من قطعان الرحل من الماعز والغنم والإبل، والتعجيل بإخراج قانون الترحال إلى حيز الوجود، صيانة لكرامة وحقوق السكان المحليين وممتلكاتهم.
مطالب متجددة
منذ أن تشكلت تنسيقية قبائل «إمجاض»، واعتبارها امتدادا لحركة 20 فبراير على الصعيد الوطني، حيث تتبنى كافة مطالبها المعلنة، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحقوقي، طالب المنتمون إليها برفع كل أشكال الإقصاء والتهميش الممنهج ضد المنطقة وساكنتها، وطالبوا بالتراجع عن قرار تحديد الملك الغابوي بالمنطقة وإعادة النظر في القوانين، التي تستعمل لانتزاع ونهب أراضي الساكنة المحلية، كما جددوا مساندتهم لكل ضحايا هذه السياسة بالمنطقة «تجاجت، أيت كرمون، إدبنيران، أيت همان»، وطالبوا بتدخل مصلحة المياه والغابات لوقف الخطر، الذي تشكله قطعان الخنزير البري على الأرض والإنسان، وبمحاسبة ومحاكمة كل المسؤولين عن المتاجرة بهموم المواطنين ومعاناتهم من قبيل لوبيات الدقيق المدعم، ووقف ما أسموه «هدر المال العام» والتعجيل بإيفاد لجان للتقصي والبحث ومحاكمة كل المتورطين في نهب الميزانيات، وإعادة الاعتبار للمقاومين ولتاريخ المقاومة بإمجاض، والتعامل الجدي والمسؤول مع المطالب المرفوعة من قبل جمعيات المجتمع المدني بالمنطقة.
كما جدد أعضاء التنسيقية رفضهم إلحاق جماعات إمجاض بعمالة إفني، لتنافيه مع مبدأ تقريب الإدارة من المواطنين، ودعوا إلى إنشاء ملحقات إدارية تساهم في تحقيق القرب المنشود، بدل تحميل المواطن مزيدا من أعباء التنقل إلى سيدي إفني لقضاء الأغراض الضرورية، منددين بضعف الخدمات التي تقدمها وكالة البريد بمركز تيغيرت، بسبب ضعف وتخلف وسائل الاتصال، ومنتقدين غياب مكتب قار لاستخلاص فواتير الكهرباء، والذي يدفع الساكنة إلى التنقل إلى بلدية الأخصاص أو مدينة تيزنيت، علاوة على هزالة وهشاشة البنيات التحتية الأساسية، خاصة منها ما يتعلق بالطرق والمؤسسات التعليمية والصحية، وغياب مرافق تهتم بالشباب والمرأة والطفل، من قبيل دور الشباب ومراكز التكوين والنوادي النسوية، وإقصاء شباب المنطقة من حاملي الشواهد العليا من مبادرات التشغيل، زيادة على غياب منطقة صناعية ومؤسسات للتكوين المهني، وإقصاء المنطقة من البرامج والمخططات الحكومية كمخطط المغرب الأخضر، ومخطط التنمية القروية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
مطرح مزعج بميراللفت
عاد موضوع المطرح العشوائي بجماعة ميراللفت إلى واجهة الأحداث بعمالة سيدي إفني، بعد أن دخلت مجموعة من نساء دوار «تبلكوكت»، التابع للجماعة، في حركات احتجاجية متكررة، للمطالبة بإيجاد مكان بديل له وإنقاذهن من آثاره السلبية، ومنعن عربات نقل النفايات عدة مرات من الاستمرار في رميها بالمطرح المذكور، وطالبن في اللافتات، التي رفعنها بعين المكان، بالكف عن الوعود التي وصفنها بـ«الكاذبة» وتسوية الوضع في أقرب الآجال والالتزام بمضمون الاتفاق الموقع قبل حوالي شهرين، بخصوص إيجاد حل جذري لإشكالية النفايات بمركز الجماعة. كما طالبت المحتجات برفع الضرر الحاصل لهن وتحويل مكان المطرح الحالي إلى مكان آخر يستجيب للمعايير التقنية والبيئية المعمول بها على صعيد الوطن، داعيات السلطات المحلية والإقليمية إلى تفعيل المادة 76 من قانون رقم 03-11 والمتعلق بحماية واستصلاح البيئة الصادر بالجريدة الرسمية رقم 5118 بتاريخ 19 يونيو 2003، على أساس الإسراع في إجراء الدراسات اللازمة والكفيلة برفع الضرر عنهن.
وكانت الجماعة قد تعهدت، في المحضر الموقع سابقا بين كل من رئيس الجماعة وقائد قيادة ميراللفت، وممثل الدائرة الانتخابية المعنية بالمشكل، وقسمي الجماعات المحلية والتجهيزات بعمالة سيدي إفني، حصلت «المساء» على نسخة منه، بإغلاق المطرح الحالي المتواجد بمنطقة «تيرت 2» المسمى (بوجوابي) نهائيا، خلال فترة زمنية لا تقل عن شهرين، ولا تتجاوز أربعة أشهر ابتداء من تاريخ التوقيع، كما تم الاتفاق على الاستمرار في إفراغ النفايات بالمطرح الحالي خلال الفترة التي تسبق أجل الاتفاق، في انتظار إيجاد موقع بديل، مع الحرص على ردم وتغطية النفايات المفروغة، والإسراع في إنجاز الدراسة التقنية، التي ستحدد موقعا مناسبا، الذي يستجيب للمعايير التقنية والبيئية التي يقرها مكتب دراسات مختص.
وكان العشرات من نساء وأطفال دوار «تبلكوكت» قد اعترضن، خلال الصيف الماضي، موكب السيارات الحامل للنفايات المتراكمة لعدة أسابيع أمام المنازل والمحلات التجارية والحيوية بجماعة مير اللفت، أثناء توجهها للمطرح الجماعي القريب من محلات سكناهم، ورددت النساء حينها عددا من الشعارات المنددة بتجاهل مطالب تحويل المطرح الذي وصفنه بـ«العشوائي»، كما رفعن الأعلام الوطنية وصور جلالة الملك، وطالبن بتنزيل الوعود التي تلقينها مباشرة من عدة مسؤولين ترابيين بالعمالة في صيغتيها القديمة والجديدة. ولم تتمكن السلطات المحلية من تنزيل المبادرة المقترحة من قبلها، والقاضية بتشجيع عدد من أرباب السيارات المكشوفة على التطوع لحمل الأزبال المتراكمة بالمنطقة إلى المطرح العشوائي، إلا بعد جهد كبير، بسبب تصلب موقف النساء المحتجات وإصرارهن على منع «قافلة النفايات» من مواصلة المسير، كما فشلت كافة الجهود التي بذلتها الجماعة – إلى حد الآن- لاحتواء الموقف، رغم الاجتماعات الماراطونية، التي عقدتها مع عدد كبير من فعاليات المنطقة المدنية والسياسية، كما تلقت نساء منطقة «تبلكوكت» وعودا كثيرة بإيجاد حل للإشكال المتفاقم بالمنطقة، لكن جميع الوعود ظلت مراوحة لمكانها، رغم تأكيد المحتجين على أن الأضرار التي لحقتهم، أصابت العديد منهم بأمراض تنفسية خطيرة، جعلتهم يفكرون في الرحيل عن المنطقة أكثر من أي وقت مضى.
التعليم والتوتر الدائم
لم يخرج الدخول المدرسي لهذه السنة عما حدث بالإقليم الفتي عند بداية الموسم الدراسي الأول للنيابة المحدثة، حيث انطلق الموسم بتوترات جديدة، أعقبت التنديد باستمرار الوضع التعليمي بالنيابة على ما هو عليه، رغم الاحتجاجات المتكررة منذ اليوم الأول من نشأتها. وطالبت النقابات وزارة التربية الوطنية بإيفاد لجنة تحقيق وافتحاص مالي وإداري للنيابة الإقليمية بسيدي إفني، ومحاسبة المسؤول عن كل الاختلالات والتجاوزات، حرصا على أجواء الاستقرار التربوي لضمان مساهمة القطاع في التحول الذي يعرفه البلد، كما شجبت نقابات (الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، الجامعة الحرة للتعليم، النقابة الوطنية للتعليم «ف.د.ش»)، ما أسمته «سياسة التخبط والارتجالية والعبث، التي يسلكها النائب الإقليمي في تسييره لقطاع التعليم بالإقليم، والتي تتنافى مع شعارات المرحلة الجديدة التي يعيشها المغرب»، حسب البيان الذي تتوفر الجريدة على نسخة منه، وأدانت، في مقابل ذلك، «عمليات تقليص البنية التربوية التي عرفتها مؤسسات نيابة سيدي إفني على حساب مصلحة المتعلمين، وضرب الاستقرار الاجتماعي والنفسي للكثير من أطر هيئة التدريس»، كما أدانت بشدة ما أسمته «المزاجية والزبونية والمحسوبية وغياب الشفافية والموضوعية في منح النقط الإدارية وحرمان الأطر التعليمية المشهود لها بالكفاءة من الترقية، ومنح أعلى النقط لحالات أخرى متهاونة».
كما أدان المحتجون «سياسة الهروب إلى الأمام والتملص من الالتزامات والاستخفاف بالشركاء الاجتماعيين وتوالي الخيبات والإحساس بلا جدوى الرهان على أي محاولة تدفع النائب الإقليمي إلى تعديل سلوكه، بما يترجم انتظارات جميع الفاعلين التربويين بالإقليم، بغية ربح الرهانات المنتظرة خلال الموسم الدراسي الحالي»، وأعلنت النقابات «حالة العصيان بالإقليم إلى حين رحيل المسؤول الأول عن الشأن التعليمي بالإقليم، ردا على الغصة التي بات الجسم التربوي سجينا لها».
مشاكل الماء الصالح للشرب
اشتكى بعض المهاجرين المغاربة القاطنين بالديار الأمريكية من تأخر المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بجماعة ميراللفت بسيدي إفني من ربط مساكنهم بالماء الصالح للشرب، رغم حصولهم على الوثائق اللازمة من الجماعة القروية، وتوفرهم على الكهرباء، وقال المشتكون إنهم وجهوا شكايات عديدة للدوائر المعنية بالإقليم والجهة والوطن، لازالوا ينتظرون ردودا بشأنها. وفي هذا السياق، طالب (ج.م) مهاجر بالديار الأمريكية، بفتح تحقيق في النازلة، والبحث فيما أسماه «الخروقات والتجاوزات والابتزازات التي يقوم بها المشتكى به ضد ساكنة المنطقة»، مضيفا في المراسلة الموجهة لعبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن ذلك «يؤثر سلبا على سمعة المكتب الوطني للماء الشروب كمؤسسة عمومية تسعى إلى خدمة المواطن»، ومؤكدا على أن طلب الربط «رفضه المكتب الإقليمي بتيزنيت بحجة بعد المسكن عن قناة الماء بـ95 مترا، في حين استفاد جار لي من ربط مسكنه الذي بني مؤخرا والذي يبعد عن مسكني بـ18مترا فقط، مع العلم أنه تم توسيع الشبكة ليستفيد منها موظفون بعمالة تيزنيت فقط، إضافة إلى أنني تعرضت للابتزاز مقابل ربط منزلي بالماء الشروب، فرفضت ذلك بدعوى أننا في مغرب الديمقراطية».
كما توصلت «المساء» بشكاية أخرى من المسمى (ب.ت) موجهة إلى عامل إقليم سيدي إفني يطالب فيها بالتدخل العاجل لربط منزله بالماء الشروب، بعد الرفض الشفوي لرئيس المكتب بميراللفت، بدعوى أن هناك شكاية ذات طابع عقاري ضد المعني بالأمر، وأنه لا يمكن ربط المنزل بالماء بسبب تلك الشكاية». وقال المشتكي في مراسلة موجهة لعامل الإقليم «إنني تقدمت بطلبي كسائر الناس إلى رئيس المركز بميراللفت من أجل ربط مسكني بالماء الصالح للشرب، وأدليت له برخصة الربط مسلمة لي من الجماعة القروية بتاريخ: 22/10/2010، لكنه امتنع بعد ذلك عن الربط بسبب التعرض الذي وضعته (أ.ن)، فأرسلت له مراسلة أطلب فيها إيفائي بجواب كتابي حول الامتناع منذ 20/06/2011 ولم أتوصل به منه إلى حدود الساعة، علما أنني ربطت مسكني بشبكة الكهرباء منذ سنة 2005 بدون معارض ولا منازع

المخدرات أين وصلت بي ؟



خالد أمين:    

قبل عدة أشهر كتبت مقالاً سميته « رسالة بلا عنوان» سردت فيه قصصا لأشخاص ظلموا غيرهم ، أحدهم كان طالبا مهملا فوضع حشيشا في شنطة طالب متفوق واتهمه بتعاطي المخدرات فحطم حياته، وامرأة هدمت أسرة هانئة بعد أن كادت للزوجة واتهمتها بالخيانة بمساعدة قريب لها، وثالث اقترض مبلغا من زميل له ثم أنكره، ورابع سلب أرضا ليست له بشهادة زور . وكان عاقبة هذا الظلم كما أوردت صحيفة الرياض التي نشرت التحقيق ونقلته عنها. 
أن الطالب الظالم أصيب بحادثين أحدهما قطع يده والآخر جعله حبيس الكرسي المتحرك! 
أما المرأة فأصيبت بالسرطان ومات قريبها حرقاً! 
كذلك خسر الذي أنكر الدين أضعاف مبلغه وتوفي له ثلاثة أولاد في حادث! 
والأخير تلفت أرضه وأصيب بحوادث أخرى. 

لم أعجب إن كان للقصص أثر كبير ولكن عجبي كان من كثرة إحساس الناس بالظلم الواقع عليهم. 
مررت بالبنك لإنهاء بعض الأوراق وجلست مع موظف أقابله للمرة الأولى وبعد أن تأكد من شخصيتي فاجئني بأن أخرج صورة المقال المذكور من جيبه العلوي! وكان قد مر على المقال قرابة ثلاثة أشهر! تنهد ثم قال لي إنه يحتفظ به ليقرأه دوما، ولم أعرف سر ذلك .

كتبت المقال لشعوري بأن الكثيرين يقعون في الظلم ويتساهلون فيه ومثل هذه القصص قد توقظهم، ولم يكن الفضل لي فالتحقيق المذكور كان ثمينا ويستحق أن يعاد نشره لكني لم أتوقع أن ينتشر في منتديات الإنترنت وأن يوزع بكميات كبيرة في مسجد الشيخ المنجد ومكتبة الهجرة كما ذكر لي أحد الزملاء حتى إن إحدى دور النشر اتصلت بي لتحويله إلى نشرة فاقترحت عليهم الاتصال بالجريدة التي نشرته. 

بيد أن موقفا غريبا حدث نتيجة المقال وهو ما أعتبره العزاء الوحيد لي ولزملائي الكتاب الذين يمضون وقتهم في انتقاء الأفكار وجمع المعلومات وصياغة المقال من أجل إصلاح وتطوير مجتمعنا ووطننا فلا نجد إلا الإهمال من غالبية الوزارات والهيئات وحتى مجلس الشورى ولو اتصلت بهم الجريده لنشر خبر أو لقاء لتهافتوا عليها، أما الرد على معاناة المواطنين وأفكارهم ومقترحاتهم فهذا آخر ما يفكرون به ظنا منهم أن الكاتب سيمل ويفقد الأمل! ولكني أذكرهم أن السكوت علامة الرضا وعدم الرد يعني الإدانه وأن المجتمع لن يرحم الذين تولوا المناصب وقصروا في عملهم .! 
* كنت في اجتماع في العمل مع زملاء لا أعرفهم، بعد أن عدنا من فترة الغداء سلم علي أحدهم وسألني هل أنت الذي كتبت المقال المذكور؟ فأجبته بنعم، فقال دعني أقص عليك ماذا عمل المقال؟ لقد وقع لي حادث سيارة مع شخص آخر ونتج عن الحادث وفيات لست مسؤولا عنها وخلال التحقيق فوجئت بذاك الشخص وقد أحضر معه شهود زور ليلبسوني التهمة! رفضت التقرير فأحيلت القضية الى المحكمة فحكمت علي بفضل شهود الزور بدفع أربعمائة ألف ريال لغريمي فرفضت الحكم وقلت له إنني مستعد لمساعدتك ماديا لكني لن أقبل تهمة لم أرتكبها ولن أستطيع أن أدفع المبلغ الذي حددته المحكمه لكنه رفض. واستمرت القضية في مداولاتها حتى وصلت إلى هيئة التمييز التي صادقت على الحكم ولم يعد لدي سوى الله، وأبلغ القرار للجهات الأمنية لتنفيذه أو سجني! قبلها بيوم وقد بلغ مني الهم ما بلغ ، ذهبت إلى مكتبة مجاورة لبيتي لشراء مستلزمات لأبنائي فوجدت صورة المقال وقرأته وكان الوقت ليلا فأسرعت متوجها إلى بيت غريمي وطرقت الباب وحين فتح لي ناولته المقال وقلت له اقرأ! 
فقال لن أقرأ شيئا، ماهذا؟ وماذا تريد في هذه الساعة؟ فرميت صورة المقال وتركته وذهبت. وما هي إلا ساعة أو ساعتين وإذا بباب بيتي يطرق وإذا بغريمي وقد تغير وجهه ونبرة صوته وهو يقول لي: أنا في مشكلة! أريد أن أتنازل عن الدعوى ولكن أخشى أن تشك الجهات الأمنية وتكتشف حقيقة تزويري! فطمأنته ووعدته بأن نبلغهم أننا سوينا الأمر. وفي الغد ذهبنا إلى الشرطة فتفاجأ الضابط وتعجب قائلا له: منذ أربع سنوات والقضية قائمة وحين صدر لك الحكم تنازلت بهذه السهولة! وانتهت القضية وزال الظلم بفضل الله ... 

ترى كم من الظلم يقع من الوالدين على أبنائهما وعلى الوالدين من أبنائهما؟
كم هم الذين يظلمون أقاربهم ويظلمون جيرانهم بل وزملاءهم وأصدقاءهم؟ سواء كان ذلك بالقول أو الفعل، بأكل حقوقهم أو التقصير في واجباتهم. كم من الظلم يقع على العاملين من الوافدين الذين لا تصرف لهم رواتبهم وحقوقهم وإلى ا لمواطنين الذين يحاربهم البعض في التوظيف ويبخل عليهم بالراتب ويحرمهم من أبسط حقوقهم مع أنه يسرف ويبذر في الحلال والحرام؟ 
كم يظلم المواطن وطنه حين يتلف المرافق العامة ولا يحترم الأنظمة، حين يضع مصلحته قبل كل شيء مبررا ذلك بأمور هو يعلم بطلانها؟

كم من الموظفين ظلموا أنفسهم بالتقصير في وظائفهم وكم من المدرسين ظلموا طلابهم؟ وكم وكم..