ظاهرة السرقة في الدار البيضاء ولت بعلالي أين السلطات


بقلم أمين بلامين                                           


ان العاصمة الاقتصادية للمغرب، وبالتالي قلبه النابض، تعرف استفحالا كبيرا للإجرام. وحسب الشهادات المرعبة المستقاة، فالعيش في مدينة البيضاء أصبح مدعاة للقلق. فالوضع معقد جدا
إلى درجة أصبحت معها أصابع الاتهام توجه إلى أطراف أخرى غير المجرمين ومثيري الشغب، كالشرطة -مثلا- التي من المفترض أنها تسهر على استتبات الأمن، إلا أن اللامبالاة التي تتعامل بها هذه الأخيرة تزيد الوضع سوءا.
تشير الساعة إلى الثانية زوالا، في شارع الحسن الأول الذي يوجد في قلب المدينة. في هذا الجو الربيعي وعلى أرصفة هذا الشارع، تجد المحلات والمقاهي جنبا إلى جنب وعيون اللصوص والمشاغبين تتصيد المارة. يسود جو من الحذر والريبة، خصوصا وأن ظاهرة السرقة والاعتداء عرفت تزايدا ملحوظا في السنوات الأخيرة. أما اللصوص فقد أصبح لديهم أكثر من سبب للاحتشاد. يتذمر أحمد، سائق طاكسي، في الثلاثين من عمره: «ولّى ذلك الوقت الذي كان فيه اللصوص يكتفون بسرقة الحقائب اليدوية المملوءة بالدراهم، الآن توسعت نشاطاتهم لتشمل سرقة الهواتف المحمولة و«البلابيريز» و«الآي فون» و«الآي باد» والحواسيب المحمولة. أصبح الوضع، بكل بساطة، لا يطاق». وحسب شهادة ليلى، صاحبة محل تجاري في شارع الحسن الأول، تعدت عقدها الرابع، فحتى المحلات لا تسلم من السرقة: «لا أستطيع المكوث في المحل بعد حلول الساعة الثامنة مساء لأنه أصبح من الشائع أن نسمع بحدوث عملية نهب في هذا المحل أو ذاك أو بالاعتداء على صاحبه».
«المدينة القديمة» كازا نيكرا..
أبعد قليلا عن شارع الحسن الأول، نجد «المدينة القديمة» التي تعرف مختلف أنواع الجرائم، ابتداء من الاعتداءات الجنسية، مرورا بجرائم الانتقام ووصولا إلى السرقة. ولا يجد سكان هذه المنطقة من مهرب من مشاهدة هذه الجرائم ترتكب أمام أعينهم، أمام لامبالاة الشرطة التي تغذي هوس المجرمين وتشجعهم على خرق القانون.
يعتبر الوضع في «المدينة القديمة» من الخطورة بحيث أصبحت تندرج في القائمة السوداء حسب دراسة حديثة أنجزها مجلس مدينة الدار البيضاء. وتقول امرأة مسنة بهذا الخصوص إن العيش في تلك المنطقة أصبح «خطرا» يتهدد حياة السكان. وتضيف بكل تذمر: «يمارس المنحرفون جميع أنواع الشذوذ الجنسي ويستهلكون المخدرات الخفيفة، كالسيليسيون، مما يجعل منهم كائنات بشرية خطرة. ويكفي أن تخرج فتاة ما في الليل، لسبب من الأسباب، لتتعرض للاعتداء أو التهديد بالسلاح الأبيض، وذلك في غياب تام لعناصر الشرطة. لن أنسى أبدا تلك الفتاة التي خرجت ليلا، بعد انتهاء حفلة لعيد الميلاد على الساعة الرابعة صباحا، وتعرضت للاعتداء أمام أعين رجال الشرطة دون أن يحركوا ساكنا». وحتى المنازل المهجورة لا تسلم من الأفعال الشنيعة. وتبقى أغرب القصص في هذا السياق تلك التي رواها لنا أحد الشهود: «ذهلنا مرة لرؤية الشرطة تحضر في لمح البصر، لكن هذا الأمر لم يكن في الحقيقة بالمفاجئ، فالأمر كان يتعلق بسائح كويتي، أي بالمال الوفير»، يقول بنبرة متهكمة. على بعد خطوات قليلة، وهذه المرة قرب ساحة ماريشال، يصطف سائقو سيارات الأجرة البيضاء (أسماك القرش البيضاء) وهم يتأملون، بكل هدوء، الطابورات الطويلة للركاب. ولن تستطيع كل الشكاوى التعبير عما يعانيه هؤلاء من اللصوص المسلحين بدراجاتهم النارية ومن المتشردين الذين يتلذذون بمضايقة الآخرين، خصوصا الجنس اللطيف. والمؤسف أنه حتى تلك الحدائق المجاورة، التي من المفترض أنها وجدت لتكون متنفسا للمارة، أصبحت مسرحا لجميع أنواع الجرائم، سواء كانت تحرشا أو سرقة أو اغتصابا... يقول أحد سكان الحي: «لقد عدنا إلى عهد السيبة، فابتداء من الساعة الثامنة مساء، تصبح كل المحرمات حلالا وتفتح شهية المجرمين عن آخرها على جميع أنواع الجرائم».
ويبقى الحال على ما هو عليه، ويبقى سكان الدار البيضاء في انتظار إنشاء مخفر للشرطة في الساحة يضمن سلامتهم وأمنهم. الكل يجمع في شارع الجيش الملكي على أن لامبالاة المسؤولين الأمنيين تحطم أرقاما قياسية. ويكفي أن تتجول بين الفينة والأخرى في البازارات وباب مراكش لكي تلحظ النشاط المفرط للصوص والنشالين الذين يجدون في كاميرات السياح صيدا ثمينا.
باب مراكش
عند مدخل المدينة القديمة ينتابك إحساس بالأمن والأمان، ويكفي أن تتوغل في الأزقة الضيقة القديمة لتتأكد من ذلك. ويقول تاجر في درب غناوة: «إن اللصوص والنشالين يبتعدون ما أمكن عن مناطق سكناهم». ويمكن لأي أحد أن يلاحظ الانعدام التام للشرطة.
عندما يعم الرعب مدننا