أمين خالد:
احتكار الزعامات داخل عدد من الهيئات، أهم العناوين على مدى ديمقراطية عدد من المنظمات الحزبية، النقابية و الجمعوية.. فتشبث بعض القياديين بمناصبهم إلى مالا نهاية من الدورات، حوَّل مجموعة من الإطارات إلى مقاولات سياسية، حيث تأسست مجموعة من المصالح، أصبح من الصعب التراجع أو التخلي عنها؛ إن تناسل الأحزاب، وخروج العديد منها من رحم أحزاب أخرى، أهم تعبير عن حقيقة الديمقراطية كما نعيشها، فمن جهة، لم تضطر بعض المجموعات لتأسيس إطارات جديدة إلا بعدما لم تجد داخل أحزابها الأصلية، مجالا للتعبير عن مواقفها أو مصالحها، ومن جهة أخرى، وبمناسبة القانون الانتخابي، لاحظ الجميع كيف أن بعض الأحزاب حاولت إقصاء "الكيانات الجديدة/ الصغيرة" تحت يافطة محاربة البلقنة السياسية، ما اعتبره الكثيرون محاولة للوبيات حزبية معينة السيطرة عن الحياة السياسية وبالتالي الحفاظ عن مصالح وامتيازات معينة.
فتوسيع دائرة النقاش حول الديمقراطية يقتضي بالضرورة مساءلة الأحزاب نفسها عن التزامها بتكريس هذا المبدأ داخل هياكلها، حيث من المفترض أن تعطي المثال بهذا الخصوص قبل المطالبة بذلك على مستوى مؤسسات الدولة، وإلا كيف لقياديين شاخوا على كراسيهم مطالبة النظام بمزيد من الهوامش الديمقراطية؟
إن نفور المواطنين من المشاركة في الحياة السياسية، ولو بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية كما كان الحال في انتخابات 2002، ليجد أسبابه، من بين أخرى، في واقع الهيمنة الممارسة داخل بعض الأحزاب، لدرجة أصبح معها المواطنون ينطقون أسماء الأحزاب بأسماء "أصحابها".
حيث من المفترض أن تلعب الأحزاب أدوارا حيوية داخل المجتمع المغربي، من خلال تأطير المواطنين والمشاركة إلى جانبهم في معالجة مختلف القضايا المطروحة، إضافة إلى التواصل معهم والتعبير عن إرادتهم على مستوى الجهازين التشريعي والتنفيذي، إلا أن انحصار ظهور الأحزاب في الاستحقاقات الانتخابية، وغلقها لمقراتها طيلة الفترة الممتدة بين هذه الاستحقاقات، يجعل دماءها راكضة لا تعرف التجديد ولا الحيوية، حيث يصعب على المواطنين الالتحاق بصفوفها خارج المناسبات المعروفة، وبالتالي استحالة تطعيمها بأفكار وتطلعات جديدة؛ إن غياب الدينامية داخل الأحزاب يجعل منها إطارات معزولة عن شرائح واسعة من الموطنين، حيث تعيد نفسها داخل نفس الدوائر، بنفس الوجوه، مع تغييرات شكلية وبراقة على مستوى الخطاب، دون أن يترجم ذلك أي تمثيلية حقيقية لعموم المواطنين وهمومهم، قد يكون هذا الأمر عاديا بالنسبة لهذه الأحزاب، بالنظر إلى الظروف التاريخية والمهام التي أسست من أجلها، وكذا بالنظر إلى بنيتها الداخلية وطبيعية الأشخاص المنتمين لها، حيث يمكن أن نميز أحزابا يعتبرها البعض "فبركت" في مراحل معينة لأجل خلق نوع من التوازن على مستوى المشهد السياسي الوطني، فكان أن تأسست هذه الأحزاب بمرجعيات مذهبية وتصورات مجتمعية غير قارة، ومتغيرة بتغير الظروف السياسية ومنحى موازين القوة آنذاك بين المعارضة والنظام الحاكم، حيث تم الاعتماد في ذلك على شخصيات معروفة بولائها "للمخزن"، أو ذات تطلعات برغماتية، قامت بدورها بحشد مجموعة من المواطنين، المتصلة بها بشكل من الأشكال، لأجل عقد المؤتمرات التأسيسية وتشكيل الهياكل الحزبية بمنطق هرمي لا يقبل التغيير، حدد الزعماء وحدد أتباعهم، إلى أن ظهرت في السنوات الأخيرة، نخب جديدة داخل هذه الأحزاب بتطلعات وطموحات أكبر، جعلتها تصارع لأجل انتزاع مواقع وامتيازات أفضل من السابقة؛ لتكون مضطرة بعد استحالة ذلك، إلى البحث عن تشكيل أحزاب جديدة قد تعيد اجترار التجربة السابقة، من جانب أخر، تعيش بعض الأحزاب على ما تعتبره مشروعية تاريخية، مستمدة من حركة التحرر الوطني وما أفرزته هذه الحركة من توجهات إيديولوجية وسياسية، كانت في كثير من الأحيان سببا مباشرا في الانشقاق الحزبي، إما لانعدام إمكانية التوافق المذهبي، أو لاختلاف التقديرات حول بعض المراحل السياسية، ولما لا القبول أو عدم القبول بمفاوضات في كواليس النظام، الشيء الذي تمخض عنه أحزاب حكومية، منها من لازالت ترتفع داخله مطالب ديمقراطية، وأحزاب أخرى خارج مدارات المؤسسات لم تفلت بدورها من احتجاجات ضد ممارسات يعتبرها البعض اقصائية.
فتوسيع دائرة النقاش حول الديمقراطية يقتضي بالضرورة مساءلة الأحزاب نفسها عن التزامها بتكريس هذا المبدأ داخل هياكلها، حيث من المفترض أن تعطي المثال بهذا الخصوص قبل المطالبة بذلك على مستوى مؤسسات الدولة، وإلا كيف لقياديين شاخوا على كراسيهم مطالبة النظام بمزيد من الهوامش الديمقراطية؟
إن نفور المواطنين من المشاركة في الحياة السياسية، ولو بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية كما كان الحال في انتخابات 2002، ليجد أسبابه، من بين أخرى، في واقع الهيمنة الممارسة داخل بعض الأحزاب، لدرجة أصبح معها المواطنون ينطقون أسماء الأحزاب بأسماء "أصحابها".
حيث من المفترض أن تلعب الأحزاب أدوارا حيوية داخل المجتمع المغربي، من خلال تأطير المواطنين والمشاركة إلى جانبهم في معالجة مختلف القضايا المطروحة، إضافة إلى التواصل معهم والتعبير عن إرادتهم على مستوى الجهازين التشريعي والتنفيذي، إلا أن انحصار ظهور الأحزاب في الاستحقاقات الانتخابية، وغلقها لمقراتها طيلة الفترة الممتدة بين هذه الاستحقاقات، يجعل دماءها راكضة لا تعرف التجديد ولا الحيوية، حيث يصعب على المواطنين الالتحاق بصفوفها خارج المناسبات المعروفة، وبالتالي استحالة تطعيمها بأفكار وتطلعات جديدة؛ إن غياب الدينامية داخل الأحزاب يجعل منها إطارات معزولة عن شرائح واسعة من الموطنين، حيث تعيد نفسها داخل نفس الدوائر، بنفس الوجوه، مع تغييرات شكلية وبراقة على مستوى الخطاب، دون أن يترجم ذلك أي تمثيلية حقيقية لعموم المواطنين وهمومهم، قد يكون هذا الأمر عاديا بالنسبة لهذه الأحزاب، بالنظر إلى الظروف التاريخية والمهام التي أسست من أجلها، وكذا بالنظر إلى بنيتها الداخلية وطبيعية الأشخاص المنتمين لها، حيث يمكن أن نميز أحزابا يعتبرها البعض "فبركت" في مراحل معينة لأجل خلق نوع من التوازن على مستوى المشهد السياسي الوطني، فكان أن تأسست هذه الأحزاب بمرجعيات مذهبية وتصورات مجتمعية غير قارة، ومتغيرة بتغير الظروف السياسية ومنحى موازين القوة آنذاك بين المعارضة والنظام الحاكم، حيث تم الاعتماد في ذلك على شخصيات معروفة بولائها "للمخزن"، أو ذات تطلعات برغماتية، قامت بدورها بحشد مجموعة من المواطنين، المتصلة بها بشكل من الأشكال، لأجل عقد المؤتمرات التأسيسية وتشكيل الهياكل الحزبية بمنطق هرمي لا يقبل التغيير، حدد الزعماء وحدد أتباعهم، إلى أن ظهرت في السنوات الأخيرة، نخب جديدة داخل هذه الأحزاب بتطلعات وطموحات أكبر، جعلتها تصارع لأجل انتزاع مواقع وامتيازات أفضل من السابقة؛ لتكون مضطرة بعد استحالة ذلك، إلى البحث عن تشكيل أحزاب جديدة قد تعيد اجترار التجربة السابقة، من جانب أخر، تعيش بعض الأحزاب على ما تعتبره مشروعية تاريخية، مستمدة من حركة التحرر الوطني وما أفرزته هذه الحركة من توجهات إيديولوجية وسياسية، كانت في كثير من الأحيان سببا مباشرا في الانشقاق الحزبي، إما لانعدام إمكانية التوافق المذهبي، أو لاختلاف التقديرات حول بعض المراحل السياسية، ولما لا القبول أو عدم القبول بمفاوضات في كواليس النظام، الشيء الذي تمخض عنه أحزاب حكومية، منها من لازالت ترتفع داخله مطالب ديمقراطية، وأحزاب أخرى خارج مدارات المؤسسات لم تفلت بدورها من احتجاجات ضد ممارسات يعتبرها البعض اقصائية.