رضوان الطاهري:
تناسلت مقاهي الشيشة في السنوات الأخيرة بشكل سريع وملفت للنظر بجل مدن المغرب، وخاصة مدينة الدار البيضاء التي أصبحت العديد من مقاهيها رائدة في تقديم الشيشة أو النارجيلة للزبناء الذين يتوافدون عليها بدافع حب الاستطلاع أحيانا وبدافع الإدمان أحيانا أخرى، ولعل الشيء الذي أدى إلى انتشارها بالمغرب هو المعارض الشرقية التي نشطت في السنوات الأخيرة، خصوصا المعارض السورية والمصرية والأردنية، وإلى جانب ذلك ساهمت الأفلام المصرية في غرس فكرة تدخين الشيشة في الأذهان، كعلامة الرجولة والفحولة سواء كان مستعملها رجلا أو امراة.
وكانت الشيشة الآلة التركية التي تركها الحكم العثماني كعادة وظاهرة لدى المجتمعات العربية بالمشرق العربي والشمال الشرقي لإفريقيا إلى حد قريب لا يعرف عنها المواطن المغربي شيئا، حيث اكتفى بالتعرف عليها بواسطة الأفلام السورية والمصرية على وجه الخصوص.
لقد صار معتادا رؤية شباب يتمنطقون شيشاتهم في مقاهي أصبحت مختصة في تقديم زبنائها أنواعا مختلفة من "المعسل" بنكهات متعددة كالموز والتفاح والورود... ويرى أحد مدخني الشيشة أنها ليست غاية في حد ذاتها، بقدر ما تشكل رمزا تعبيريا من رموز رد الاعتبار لشباب مصيره مجهول ولا يقوى على مجابهة حقيقة الواقع، بل الأنكى من ذلك تعطي الإحساس لمدخنيها القوة والقدرة على امتلاك زمام الأمور، هذا الشعور يضيف، سرعان ما ينتهي بانتهاء الإقلاع عنها، ويرجع آخرون تدخينهم للشيشة كونها أقل ضررا من السيجارة، في المقابل يرى أحد الزبناء أن الشيشة رغم تهافت الشباب عليها والإقبال الكبير الذي حضيت به فإن زوالها آت لا ريب فيه، على اعتبار أنها عادة غريبة عن التقاليد والعادات المغربية.
إن تدخين الشيشة ليس أقل ضررا من تدخين السجائر، حيث يصبح احتمال الإصابة بداء السل أو سرطان الكبد أمرا واردا، والإقلاع أو الحد من تدخينها رهين إرادة حقيقية لدى الجهات المعنية لمنع تكاثر هاته المقاهي عن طريق إيقاف نزيف الترخيص لها، ورغم الحملات التي تباشرها المصالح المختصة على مقاهي الشيشة، فإنها تبقى مناسباتية وموسمية، ومما زاد الطين بلة أن عددا من المسؤولين التابعين للأمن هم من يكترون هذه المقاهي ويحمونها، إذ باتت تدر عليهم الشيشة أرباحا مهمة، مستغلين في ذلك الفراغ الذي يعيشه الشباب، ومركزين على استقطاب المراهقين من الجنسين، من خلال اغرائهم بتقديم لهم أنواعا من الشيشات مختلفة الأحجام والنكهات، مع العمل على خلق جو يسوده الإطمئنان المؤقت والحميمية المزيفة.
وعلى العموم، فإن تناسل الشيشة بهذه السرعة يؤكد غياب الرقابة بشأن حماية الشباب المغربي وتحصينه ضد الكثير من العادات السيئة التي أصبح مجتمعنا حقلا خصبا لها.