تشترط ألمانيا تضمين مشاريع بيئية في اتفاقات التعاون الانمائي مع الدول النامية.




اأصبحت قضية حماية البيئة في التعاون الانمائي الثنائي بين المانيا والبلدان النامية تلعب دورا مهما، فمنذ عام 2000 لم تعد الحكومة الالمانية تقدم معونات تنموية الا بعد الاخذ بعين الاعتبار موضوع حماية البيئة والموارد الطبيعية، حتى انها تبرم اتفاقيات مع بلدان في اميركا الجنوبية واسيا وشمال افريقيا على اساس أن تحتل مشاريع حماية البيئة مكان الصدارة بين المشاريع التنموية. 

وعلى هذا الاساسس، يقدم الخبراء الالمان في بوليفيا وبوتسوانا والمغرب والجزائر المساعد للتخلص من القمامة بطريقة تقي البيئة من التلوث. وتساعد المانيا الصين على سبيل المثال على تخفيض كميات ثاني اوكسيد الكربون المنطلقة من محطات الطاقة العاملة بالفحم، وفي كوستاريكا يقوم الخبراء محليون والمان بمراقبة نوعية المواد المستعملة في حماية المزروعات وطرق استعمالها. اما المختبرات اللازمة لذلك فتشارك المانيا في تجهيزها وتقدم للعاملين فيها المعرفة العلمية التي يحتاجونها لتنفيذ مهمتهم، وفي ماليزيا يتعاون العاملون في استثمار الغابات مع زملائهم الالمان على تطوير الاساليب المناسبة لاستثمار الغابات المطرية هناك بطريقة مستمرة دون الحاق الضرر بها.
وتنفق المانيا اليوم على حماية البيئة من البلدان النامية اكثر من ربع الاموال المخصصة للعون الانمائي، وتمثل حماية البيئة الى جانب مكافحة الفقر واجراءات التعليم والتدريب وتفادي الاضرار الناجمة عن تآكل التربة والزراعية الاحادي، احد مراكز الاهتمام في التعاون التنموي. كما ينال استغلال الغابات في كل من المغرب والبرازيل والهند وتونس حصة الاسد من المعونات الالمانية المخصصة لقطاع البيئة.
وهناك اليوم اكثر من مثال على هذا النوع من التعاون التنموي، وهذا دليل على ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا تتعارض اطلاقا مع اهداف حماية البيئة. فكل مشروع يجب ان يكون مصمما بشكل يتلاءم مع الظروف الطبيعية والاجتماعية التي يعيش ضمنها الناس في منطقة المشروع. وهذه بدايات يعتبرها خبراء حماية البيئة تبشر بالخير في كسر الحلقة المفرغة المتمثلة في التزايد السكاني وتدمير البيئة والفقر، وهي نتيجة لفترة طويلة من التعلم واكتساب الخبرات في مجال السياسة وفي مجال التعاون التنموي على حد سواء.
وكان نادي روما، وهو مجموعة دولية من المفكرين المستقلين، قد نبه اواخر تسعينيات القرن الماضي من ان النمو له حدود، كما ظل التوهم في ان اتساع نطاق الصناعة والزراعة الكثيفة يمكن ان يوفر الغذاء لسكان الارض المتزايدين باستمرار، دون ان يؤدي في الوقت نفسه الى دمار الاسس التي تقوم عليها الحياة، ظل لسنوات يسود العلاقات الدولية.
ويذكّر تقرير لخبير حماية البيئة الالماني جيورج فتلر اولم بان البدايات الاولى لتغيير هذه الطريقة في التفكير قد انطلقت من مؤتمر حماية البيئة عام 1998، غير ان هذه البدايات لم تؤد الى حدوث تغير يستحق الذكر، فقد ظل الشعار القائل ينبغي اولا اللحاق بركب التطور وبعد ذلك الاهتمام بحماية البيئة، سائدا فترة طويلة من الزمن، وببطء شديد ساد الاقتناع بوجوب الربط بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، كي لا تقامر البشرية بمستقبلها، ذلك لان مشاكل البيئة لا تعرف الحدود القائمة بين الدول.
لكن من وجهة نظر الخبير البيئي فان السياسة التنموية الناجحة اصبحت مسألة يتوقف عليها بقاء
البشرية باسرها، لذا يجب ان نكون على استعداد لحمل ما يترتب على ذلك من مسؤولية، وهذا كان وراء تأسيس صندوق التسهيلات المالية لحماية البيئة اواخر القرن الماضي بالاشتراك بين فرنسا والمانيا. وهو يمول اليوم مشاريع عالمية ترمي الى خفض تأثير عامل البيت الزجاجي والمحافظة على تعدد الانواع وحماية طبقة الاوزون والمياه الدولية. ومن وجهة نظر الخبير اولم فان حماية البيئة والموارد الطبيعية تشكل احد التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم اليوم، وهي لهذا السبب مهمة اساسية من مهام التعاون التنموي، ومن يريد مكافحة الفقر ودعم التنمية عليه ان يحرص ايضا على المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية كاساس لكل شكل من اشكال التنمية