إذا كانت تركيا تتجه بشكل متزايد إلى التقرب من الدول العربية، إلا أن المساومات الدبلوماسية المكثفة، التي تواصلها مع الولايات المتحدة تثبت أنها لا تستطيع الاستغناء عن حليفها التقليدي الأميركي
أوباما يصافح أردوغان خلال حفل عشاء في نيويورك (أ ف ب) |
والموضوع الرئيسي لهذه المساومات وتبادل النوايا الطيبة بين البلدين يبقى سوريا، الدولة المجاورة لتركيا، التي كانت أنقرة تقيم معها علاقات وثيقة قبل الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، التي بدأت قبل ستة أشهر وحملة القمع الدامية، التي قابلتها.
وطلب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، من أردوغان، خلال لقاء على انفراد الأسبوع الماضي ممارسة "المزيد من الضغوط" على النظام السوري.
وتجاوب أردوغان مع هذا الطلب معلنا على الفور وقف الحوار مع النظام السوري، بعدما كان قبل وقت قصير "صديقا" لبشار الأسد.
وبعد يومين، أعلن أن تركيا اعترضت سفينة أسلحة في طريقها إلى سوريا، متوعدا باعتراض أي شحنة مماثلة متوجهة جوا أو برا من أراضيها إلى هذه الدولة المجاورة.
ومن المقرر فرض عقوبات أخرى ولا سيما اقتصادية تستهدف بصورة خاصة القطاع المصرفي السوري.
وأوضح سميح ايديز أن "تركيا تدرك أن الأوضاع في الشرق الأوسط غير مستقرة إطلاقا وأن عليها أن تحافظ على تحالفها التقليدي مع الولايات المتحدة".
من جهتها، تجاوبت الولايات المتحدة، خلال اللقاء بين أوباما وأردوغان، مع المطالب التركية حول موضوع أساسي بنظر أنقرة وهو مكافحة المتمردين الأكراد.
وأعلن أردوغان بهذا الصدد أن "أوباما قال لي إن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم كل دعم لنا في مكافحة الإرهاب".
وأعرب عن ثقته بأن الولايات المتحدة ستنقل إلى تركيا طائراتها، دون طيار من طراز بريداتر، التي تضرب القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني في العراق، والتي يتحتم عليها مغادرة هذا البلد قريبا مع انسحاب الجيش الأميركي منه.
وأخيرا أشار أردوغان إلى أن الولايات المتحدة ستواصل إمداد أنقرة بالمعلومات حول مواقع حزب العمال الكردستاني.
من جهتها، طلبت واشنطن من تركيا مبادرات تهدئة في النزاع الجديد القائم بينها وبين جمهورية قبرص التي لا تعترف بها أنقرة.
وإزاء إطلاق الشطر اليوناني من الجزيرة القبرصية المقسومة عمليات التنقيب عن الغاز في عرض البحر، باشرت تركيا بدورها عمليات التنقيب قبالة سواحل "جمهورية شمال قبرص التركية"، وهددت بأن تواكب قوات عسكرية هذه العمليات.
غير أن أردوغان أعلن عن تعهد من شأنه أن يرضي واشنطن، إذ أبدى استعداده للتراجع في هذا النزاع في حال ما إذا تراجعت قبرص، أيضا، وأجرى مكالمة هاتفية مع نظيره اليوناني جورج باباندريو.
وكتب عمر تاسبينار في صحيفة تودايز زمان الحكومية أن "العلاقات الأميركية التركية تحسنت كثيرا، منذ تدهورها عام 2010".
وتبقى الأزمة الخطيرة القائمة بين تركيا وإسرائيل، بعدما رفضت هذه الدولة الاعتذار عن هجوم شنته عام 2010 على سفينة مساعدات تركية متوجهة إلى قطاع غزة وأوقع سبعة قتلى من الأتراك.
وأشار سميح إيديز إلى أن الحكومة التركية الإسلامية المحافظة تجاهلت طلبات واشنطن، التي دعتها إلى "إصلاح" علاقاتها مع الدولة العبرية.
غير أن الضوء الأخضر، الذي أعطته تركيا لنصب رادار للحلف الأطلسي على أراضيها لمراقبة إيران، هو مؤشر إضافي إلى الرغبة التركية في إرضاء واشنطن، كما يعكس رغبة في عدم إثارة استياء إسرائيل العدو اللدود لإيران.