صوت الصحافة:
أن تكون مكاسب المرأة التونسيّة التي تنص عليها مجلة «الأحوال الشخصية» من المواضيع التي تقع إثارتها من حين إلى آخر منذ اندلاع الثورة التونسية قبل أكثر من عشرة أشهر، فإن ذلك يستدعي منا وقفة واهتماما مخصوصين قصد تعرف ما هو صادق ومبرر في هذه الضجة المتفرقة والمتواترة وأيضا ما هو مبالغ فيه ويتعدى حدود المناورة السياسية لتضييق الخناق نفسيا واجتماعيا على تيارات معينة.
فهل الخوف الذي تشعر به فئات واسعة من المجتمع التونسي اليوم على مكاسب المرأة ووضعيتها القانونية الرائدة خصوصا مقارنة بالبلدان العربية، يعد خوفا مشروعا وله ما يبرره خصوصا أنه لا تكاد تفصلنا عن مرور ستة عقود على تاريخ إصدار مجلة «الأحوال الشخصية» سوى أربع سنوات؟
في الحقيقة إن مجرد إثارة هذا الموضوع ليس بالعملية المجانية أو المفتعلة مائة في المائة، بقدر ما تلوح إلى استنتاج، يمكن أن نصفه بالاستنتاج الحزين، باعتبار أنه إن دل على شيء فهو يدل على أن ثقافة المساواة والشراكة لم تتغلغل في العقلية الجمعية التونسية على النحو الذي يجعلها ملفا مقفلا وموضوعا محسوما.
ومن ثمة، فإن وضعية المرأة التونسية ومكاسبها لا تزالان عرضة للتلاعب وللأخذ والرد وللرياح العاتية وللتهديدات وحتى للتراجع، خصوصا أن واقع الممارسة الاجتماعية، يلوح بوجود بعض المؤشرات المقلقة. فلا شيء يمكن أن يقضي على القلق والخوف إلا نضج الممارسة الاجتماعية في علاقتها بالمرأة وهضمها الجيد لمعنى المساواة ودلالاته وضرورته الاجتماعية.
ولعل من أهم مبررات حالة القلق المشار إليها لدى قطاع واسع من النساء التونسيّات والرجال التونسيين المتحمسين لمكاسب المرأة والمعنيين بمستقبل بناتهم اللواتي يمثلن قرابة 51 في المائة من مجموع الفئة العمرية الشبابية في تونس، هي عودة حركة النهضة إلى النشاط بعد الثورة وتحديدا على أثر فوزها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وهو فوز يعبر عن خيار جزء لا يستهان به من الشعب التونسي، الشيء الذي يُغذي مبررات القلق وينميها.
طبعا التجربة هي التي ستبين لنا حقيقة المراجعة الفكرية التي قامت بها حركة النهضة ومدى استيعابها للشروط والتغييرات الاجتماعية والسياسية والحقوقية وطنيا وعالميا. ونعتقد أن الحد الأدنى من الذكاء وحتى المصلحية يُحتمان أن تكون المراجعة حقيقية وجادة. فحركة النهضة ستكون في وضع امتحان دائم في ثلاثة مواضيع رئيسية تمثل أهم مداراتها وهي مسائل طبيعة الدولة والمرأة والعلاقة مع الآخر.
لذلك فإنه ليس صدفة أو مزايدة أن يتظاهر سلميا أمام مجلس النواب في صبيحة افتتاح أشغال المجلس الوطني التأسيسي ممثلون عن جمعية النساء الديمقراطيات وجمعية الدفاع عن اللائكية رغم أن الجميع يعلم أن الأطراف الممثلة في المجلس التأسيسي تعهدت بالمحافظة على حقوق المرأة وتطويرها. ولكن يبدو أن كل هذا وغيره لم يبدد حالة القلق لأن مبرراته قائمة خاصة إن كانت تظهر ثم تغيب وتتلاشى ثم تقفز على السطح باعثة ما يتجاوز القلق وهي الفوبيا.
ففي هذا السياق نضع حرص الأطراف المطالبة بالتنصيص على مكاسب المرأة التونسية في الدستور الجديد أي حسم المسألة دستوريا وهو مطلب مشروع جدا لعدة اعتبارات؛ أولها أن المهمة الرئيسية للمجلس الوطني التأسيسي هي كتابة الدستور الجديد لتونس الجديدة. وثانيها أن التنصيص عليها في دستور سيتفاوض حوله الذين اختارهم الشعب التونسي عن طريق انتخابات، سيجعل مكاسب المرأة تخضع إلى حصانة الإرادة الشعبية بعد أن كانت مدفوعة بشكل كبير بالإرادة السياسية التي جسدها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة مترجما من موقعه أفكار المصلح الاجتماعي الطاهر الحداد فضلا عما أضفته الأفكار الحداثية والتقدمية من جرأة وخصوصية.
من جهة أخرى، نرى أنه لا شيء أقوى من مساندة حركة النهضة لهذه المطالب ولغيرها من المطالب الأكثر طموحا لأن في ذلك طمأنة حقيقية تتجاوز الخطاب الشفوي إلى التشريع والموقف التاريخي المسجل
فهل الخوف الذي تشعر به فئات واسعة من المجتمع التونسي اليوم على مكاسب المرأة ووضعيتها القانونية الرائدة خصوصا مقارنة بالبلدان العربية، يعد خوفا مشروعا وله ما يبرره خصوصا أنه لا تكاد تفصلنا عن مرور ستة عقود على تاريخ إصدار مجلة «الأحوال الشخصية» سوى أربع سنوات؟
في الحقيقة إن مجرد إثارة هذا الموضوع ليس بالعملية المجانية أو المفتعلة مائة في المائة، بقدر ما تلوح إلى استنتاج، يمكن أن نصفه بالاستنتاج الحزين، باعتبار أنه إن دل على شيء فهو يدل على أن ثقافة المساواة والشراكة لم تتغلغل في العقلية الجمعية التونسية على النحو الذي يجعلها ملفا مقفلا وموضوعا محسوما.
ومن ثمة، فإن وضعية المرأة التونسية ومكاسبها لا تزالان عرضة للتلاعب وللأخذ والرد وللرياح العاتية وللتهديدات وحتى للتراجع، خصوصا أن واقع الممارسة الاجتماعية، يلوح بوجود بعض المؤشرات المقلقة. فلا شيء يمكن أن يقضي على القلق والخوف إلا نضج الممارسة الاجتماعية في علاقتها بالمرأة وهضمها الجيد لمعنى المساواة ودلالاته وضرورته الاجتماعية.
ولعل من أهم مبررات حالة القلق المشار إليها لدى قطاع واسع من النساء التونسيّات والرجال التونسيين المتحمسين لمكاسب المرأة والمعنيين بمستقبل بناتهم اللواتي يمثلن قرابة 51 في المائة من مجموع الفئة العمرية الشبابية في تونس، هي عودة حركة النهضة إلى النشاط بعد الثورة وتحديدا على أثر فوزها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وهو فوز يعبر عن خيار جزء لا يستهان به من الشعب التونسي، الشيء الذي يُغذي مبررات القلق وينميها.
طبعا التجربة هي التي ستبين لنا حقيقة المراجعة الفكرية التي قامت بها حركة النهضة ومدى استيعابها للشروط والتغييرات الاجتماعية والسياسية والحقوقية وطنيا وعالميا. ونعتقد أن الحد الأدنى من الذكاء وحتى المصلحية يُحتمان أن تكون المراجعة حقيقية وجادة. فحركة النهضة ستكون في وضع امتحان دائم في ثلاثة مواضيع رئيسية تمثل أهم مداراتها وهي مسائل طبيعة الدولة والمرأة والعلاقة مع الآخر.
لذلك فإنه ليس صدفة أو مزايدة أن يتظاهر سلميا أمام مجلس النواب في صبيحة افتتاح أشغال المجلس الوطني التأسيسي ممثلون عن جمعية النساء الديمقراطيات وجمعية الدفاع عن اللائكية رغم أن الجميع يعلم أن الأطراف الممثلة في المجلس التأسيسي تعهدت بالمحافظة على حقوق المرأة وتطويرها. ولكن يبدو أن كل هذا وغيره لم يبدد حالة القلق لأن مبرراته قائمة خاصة إن كانت تظهر ثم تغيب وتتلاشى ثم تقفز على السطح باعثة ما يتجاوز القلق وهي الفوبيا.
ففي هذا السياق نضع حرص الأطراف المطالبة بالتنصيص على مكاسب المرأة التونسية في الدستور الجديد أي حسم المسألة دستوريا وهو مطلب مشروع جدا لعدة اعتبارات؛ أولها أن المهمة الرئيسية للمجلس الوطني التأسيسي هي كتابة الدستور الجديد لتونس الجديدة. وثانيها أن التنصيص عليها في دستور سيتفاوض حوله الذين اختارهم الشعب التونسي عن طريق انتخابات، سيجعل مكاسب المرأة تخضع إلى حصانة الإرادة الشعبية بعد أن كانت مدفوعة بشكل كبير بالإرادة السياسية التي جسدها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة مترجما من موقعه أفكار المصلح الاجتماعي الطاهر الحداد فضلا عما أضفته الأفكار الحداثية والتقدمية من جرأة وخصوصية.
من جهة أخرى، نرى أنه لا شيء أقوى من مساندة حركة النهضة لهذه المطالب ولغيرها من المطالب الأكثر طموحا لأن في ذلك طمأنة حقيقية تتجاوز الخطاب الشفوي إلى التشريع والموقف التاريخي المسجل