بقلم خالد أمين
فإذا كانت السلطات العمومية في الدار البيضاء هذه الأيام تصرف الملايين من الدراهم على إعادة هيكلة شارع المسيرة بمقاطعة المعاريف، فإنها أسقطت من حساباتها الوضعية التي آل إليها هذا الشارع الذي كان إلى حدود الأمس القريب يعد أحد الشوارع المهمة في مدينة الدار البيضاء.
فهذا الشارع لوحده يخلص المشاكل الكبرى التي تعانيها المدينة، سواء تلك التي تتعلق بالاكتظاظ في حركة السير والجولان، وانتشار النفايات، ورغم أنه في مناسبات كثيرة رفعت أصوات بعض الغيورين على هذا الشارع من أجل إعادة الاهتمام به، إلا أن المسؤولين الذين يتعاقبون على تسيير المدينة يتعاملون مع مشاكل هذا الشارع بمنطق "كم حاجة قضيناها بتركها".
وإذا كان بعض منتخبي المقاطعات الهامشية في الدار البيضاء يؤكدون أن نظام وحدة المدينة فشل في جعل جميع المقاطعات على قدم المساواة، فإن عددا من منتخبي مقاطعة سيدي بليوط يؤكدون أنه في ظل هذا النظام أصبح شارع محمد الخامس مرتعا للمتسكعين والمتشردين، وذلك بسبب عدم صرف أي ميزانية من قبل مجلس المدينة لإعادة الاعتبار لهذا الشارع الذي يرزخ تحت الكثير من المشاكل، لدرجة أنه أصبحت بعض الشوارع في مقاطعات الحي المحمدي أو ابن امسيك أو اسباتة أجمل منه بكثير.
فرغم الشكايات الكثيرة للسكان إلى شركة"سيطا"، التي تتكلف بجمع أزبال منطقة أنفا والمعاريف والحي الحسني، فإن هذه الشكايات يكون مصيرها سلة المهملات، وتقول إحدى الشكايات "أصبحنا لا نعرف إن كنا نسكن في شارع رئيسي أم في منطقة عشوائية، فالروائح الكريهة تزكم أنوف السكان دون أن يتدخل المعنيون بالأمر، ومن العار والعيب أن يتحول شارع محمد الخامس إلى مزبلة، فهذا يؤثر على سمعة المدينة".
وقد سبق لبعض المواطنين أن أكدوا بأنهم أصبحوا يفضلون بيع شققهم والانتقال إلى منطقة أخرى، لأنهم سئموا بعث الشكايات والمراسلات إلى الجهات المعنية دون أي طائل، ويؤكد بعض التجار بأن "الرواج التجاري تقلص بشكل كبير بالمقارنة مع السنوات الماضية، وهذا يرجع إلى الحالة المزرية التي يشهدها الشارع بسبب انتشار النفايات، ولو كانت هناك نية لدى الشركة المكلفة بجمع الأزبال في هذه المنطقة لتنظيفه لاهتمت بشكل كبير بمثل هذه الشوارع التي تعد واجهة مركز المدينة".
ويحمل بعض سكان شارع محمد الخامس المسؤولية في هذا السياق لمنتخبي الدار البيضاء، وأكدوا بأنه طيلة التجربة الجماعية السابقة لم يتطرق أحد داخل مجلس المدينة للقضايا التي يعرفها هذا الشارع.
ويشهد شاعر محمد الخامس مشاكل كثيرة في النقل أثناء وقت الذروة، وذلك بسبب مشكل فندق لنكولن، الذي لم تتمكن سلطات الدار البيضاء من ايجاد حل له، إذ أصبح محرما على مستعملي وسائل النقل استغلال الجزء المحاذي للشارع، ما خلق ارتباكا كبيرا في حركة السير والجولان وهذا ما يثير غضب عدد من المواطنين الذين يؤكدون أنه من غير الصائب أن يستمر الوضع على ما هو عليه حاليا، إذ أنه الوقت الذي كان على السلطات أن تفتح ممرات جديدة، وضعت حواجز أمام فندق لنكولن.
ويقول في هذا الإطار بعض متتبعين:"إن الصورة التي أصبح عليها هذا الشارع لم يعد يتحملها أحد، فالاكتظاظ لا يقتصر فقط على ساعات الذروة، بل أصبح طيلة اليوم، وهذا بقدر ما يخلق إزعاجا للسائقين، فهو كذلك يسبب ارتفاعا في ضغط الدم بالنسبة إلى السكان الذين يستقرون بمحاذاة هذا الشارع".
المشاكل التي يعرفها شارع محمد الخامس بسبب قضية فندق لنكولن دفعت حافلات النقل الحضري إلى تغيير خطوطها، إذ أنزلت من حساباتها شارعا اسمه محمد الخامس، وهذا ما أحدث ارتباكا لدى المواطنين الذين يقول أحدهم: إن "محطات الحافلات تغيرت إلى شارع الجيش الملكي وهذا ما أصبح يؤدي إلى نوع من الارتباك لعدد من المواطنين الذين لم يعودوا يعرفون أين توجد محطات الحافلات".
ويعتبر بعض منتخبي الدار البيضاء بأنه لا يمكن لشارع محمد الخامس أن يخرج من النفق المسدود إلا إذا عجلت السلطات بإنجاز مشروع "الترامواي" لأنه الوحيد القادر على إعادة المجد المغتصب لهذا الشارع، على اعتبار أن سيعاد النظر في إعادة هيكلته بصفة شمولية.