أسدل الستار، أخيرا، بمدينة الدارالبيضاء، عن فعاليات النسخة الثامنة من المهرجان المغاربي للمسرح الشعبي، بالإعلان عن فوز المغرب بالجائزة الكبرى "الواحة الذهبية" للمهرجان الذي تنظمه جمعية محترف الواحة للمسرح، بمشاركة تونس، والجزائر والمغرب. وحسب بلاغ للجنة التحكيم، التي تشكلت من الباحث والمؤلف المسرحي، عبد الكريم برشيد، والمسرحي ياسين القاطي، والباحث المسرحي كمال علاوي، عادت الجائزة الكبرى لمسرحية "مآساة غلاديتور" للمخرج والممثل عبد الله ديدان من المغرب، الذي حاز أيضا، جائزة أحسن تمثيل في صنف الإناث مناصفة بين الممثلة المغربية أسماء السروي، والممثلة التونسية "جميلة كمارا" عن دورها في مسرحية "هذيان" لفرقة "جبال الشمال" من تونس، التي حازت، أيضا، جائزة الإخراج المسرحي للمخرج التونسي كمال العلاوي، وجائزة أحسن دور رجالي مناصفة بين الممثل التونسي عبد اللطيف بوعلاك، والممثل المغربي مصطفى الزيات عن دوره في مسرحية "الوردة الحمراء" لفرقة "البديل المضيئ"، وعادت جائزة أحسن نص مسرحي لفرقة شبيبة مدينة تيارت للمسرح بالجزائر، عن مسرحية "الحاشية"، للكاتب السوري، مصطفى الصمودي.
وشهدت فعاليات هذه الدورة الثامنة، التي احتضنتها، على مدى 5 أيام، فضاءات (سيدي بليوط، ومولاي رشيد، وحسن الصقلي"، بتقديم 6 عروض مسرحية من تونس، والجزائر، والمغرب، إضافة إلى تنظيم ورشات تكوينية ومحترفات مسرحية من تنشيط أساتذة باحثين، وندوة حول المسرح بعنوان "المنجز المسرحي المغاربي وتعدد التجارب المسرحية"، ولقاءات مفتوحة مع ضيوف المهرجان.
وتميزت فعاليات المهرجان، بتكريم خاص للكاتب والمخرج المسرحي المغربي المسكيني الصغير، الذي حملت الدورة اسمه، مع احتفاء خاص بوجوه مسرحية مغاربية، ويتعلق الأمر بالممثل والمبدع المسرحي، عبد الحق الزروالي، من المغرب، والمخرجة والكاتبة المسرحية، فوزية أيت الحاج، من الجزائر، وقيدوم المسرحيين الباحث والكاتب المسرحي، كمال العلاوي، من تونس، في إطار رد الاعتبار للمسرح والمسرحيين في المغرب العربي، والاحتفاء بالقواسم الحضارية التي توحدهم، وتحقيق الفعل الحقيقي للمسرح.
وشهد حفل تكريم المبدع المسكيني الصغير، الذي احتضنه المركب الثقافي سيدي بليوط، حضور العديد من الفنانين والمسرحيين والفاعلين الثقافيين من أصدقاء المبدع، أمثال الفنان التشكيلي يوسف بن جلون، الذي أهدى المحتفى به لوحة فنية معبرة، والمسرحي المغربي عبد الحق الزروالي، الذي أشاد بأعمال المحتفى به في كلمته التي قدمها في حقه. كما تميز الحفل بإلقاء كلمة معبرة لمحافظ مؤسسة مسجد الحسن الثاني بوشعيب فوقار، الذي وصف المسكيني الصغير، بـ"المحارب الصبور، الذي يصارع الأمية الفكرية، منذ نصف قرن من الزمن"، مشيرا إلى أن "الصبر عند المسكيني، ليس استسلاما ولا خضوعا لواقع مشوه لا يرتضيه، ولكنه انفعال في صمت وطاقة خامدة لا تنفجر إلا لأهداف ثمينة وشريفة".
وفي بيانهم الختامي، نوه المشاركون في الدورة الثامنة، بالإصرار النبيل لجمعية "محترف الواحة للمسرح"، على ترسيخ هذا المهرجان كتقليد مغاربي سنوي منتظم، وبالتنظيم المحكم، الذي تميزت به فعاليات المهرجان، وأعربوا عن فخرهم بأن تحمل دورة هذه السنة اسم المسرحي المسكيني الصغير، اعترافا بإسهاماته الإبداعية والنظرية في بلورة ملامح مسرح مغاربي بخصوصيات تصون الذاكرة و الهوية.
وفي السياق ذاته، أجمع كل المسرحيون المغاربيون، الذين أثثوا بإبداعاتهم فضاءات البيضاء، أن المهرجان حقق قفزة نوعية، وانتصر للفعل المسرحي، من خلال العروض الجيدة، التي عكست حقيقة الحركة المسرحية المغاربية المنفتحة على ذاتها وعلى التجارب الإنسانية المتعددة.
من جهته، أكد مدير المهرجان، المسرحي عبد الرحيم ضرمام، أن المهرجان نجح مرة أخرى في لم شمل المسرحيين المغاربيين، ومد جسور التواصل بين المهتمين بالمسرح المغاربي، واستطاع خلق أنفاس درامية مسرحية وحركة مسرحية مغاربية حقيقية متطلعة إلى أفق فني أفضل، في ظل وحدة وتوحد الأقطار المغاربية، مشيرا في تصريح لـ"لمغربية" إلى أن المهرجان سيبقى مدينا للمبدعين المغاربيين، الذين أثثوا فضاءات المهرجان وأمنوا بجدوى هذه اللقاءات الثقافية، أمثال المسرحي عبد الحق الزروالي من المغرب، والكاتبة الباحثة المسرحية فوزية أيت الحاج من الجزائر، والمخرج المسرحي كمال العلاوي من تونس، الذين حلوا ضيوف على المهرجان وأغنوا بنقاشتهم وتجاربهم الفنية، الندوة المركزية للمهرجان، وكل اللقاءات الثقافية والفنية المتميزة، التي وجدت صداها لدى جميع المشاركين في المهرجان.
وتميزت أيام المهرجان التي حضرها العديد من الفنانين والباحثين والمهتمين بالمسرح، حسب المدير الفني للمهرجان المسرحي ياسين القاطي، بغنى الأعمال المشاركة، على مستوى النصوص المسرحية، مبرزا في حديث لـ"المغربية"، أن معظم المشاركين في المهرجان، أبانوا عن كفاءاتهم وقدراتهم العالية، التي ستساهم لا محالة في تطوير الفعل المسرحي المغاربي، من خلال تقديمهم مواضيع عالمية وعربية ومغاربية، وجدانية وذاتية، كشفت عن مشاريع مؤلفين مبدعين.
وفي حديثه عن الإخراج والسينوغرافيا، أكد القاطي أن هناك اجتهادات مهمة على مستوى السينوغرافيا واكتشاف عالم المسرح ولعبته السحرية، وتوظيف الفضاءات المتعددة على الركح، لتحقيق الفرجة المسرحية ومخاطبة العقل والوجدان، والبحث في مختلف وسائل التعبير، التي أضفت على الأعمال المشاركة حلة جديدة، عملت على إبراز طاقات وقدرات بإمكانها المساهمة في تطوير المسرح. وعلى مستوى التشخيص والتمثيل، أكد القاطي أن معظم الممثلين تمكنوا من إبراز قدراتهم وطاقاتهم الهائلة، التي يجب استثمارها، للنهوض بالمسرح المغربي، الذي أصبح في حاجة ملحة إلى ممثلين شباب يتطلعون إلى الإبداع المتميز، مشيرا إلى أن الطموح يبقى رهينا بالاستفادة من التجارب السابقة للرواد الأوائل لتحقيق الاستمرارية، واكتساب الخبرة والمهارة للنهوض بالمسرح المغاربي.